إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال: "هل لك من أم؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: "الزمها فإن الجنة تحت رجليها" (¬1)، ورشدين بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس: جاءت امرأة بابن لها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، هذا ابني يريد الجهاد وأنا أمنعه. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "الزم أمك حَتَّى تأذن لك أو يأتيها الموت" (¬2).
إذا تقرر ذَلِكَ؛ فقال المهلب: هذا -والله أعلم- في زمن استظهار المسلمين على عدوهم، وقيام من انتدب إلى الغزو بهم مع أنه -والله أعلم- رأى به ضعفًا ولم يقدر نفاذه في الجهاد، فندبه إلى الجهاد في بر والديه.
قلتُ: رواية ابن أبي عاصم أن السائل كان أخلق الناس وأشده، وفي آخره: فجعلنا نعجب من خَلْقه يرد هذا، وقد روي عن عمر وعثمان أن من أراد الغزو فأمرته أمه بالجلوس أن يجلس. وقال الحسن البصري: إن أذنت له أمه في الجهاد وعلم أن هواها في أن يجلس فليجلس (¬3).
وممن (أراد) (¬4) أن لا يخرج إلى الغزو إلا بإذن والديه: مالك (¬5) والأوزاعي والثوري والشافعي وأحمد، وأكثر أهل العلم (¬6)، هذا كله
¬__________
(¬1) رواه النسائي 6/ 11، وأحمد 3/ 429، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (2485).
(¬2) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" 11/ 411.
(¬3) "مصنف أبي شيبة" 6/ 518، "النوادر والزيادات" 5/ 22.
(¬4) كذا بالأصل، وعند ابن بطال (رأى)، انظر: "شرح ابن بطال" 5/ 158.
(¬5) "النوادر والزيادات" 5/ 22.
(¬6) "المغني" 13/ 25 - 26.