كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

الفتن خشية أن يتعلق على راكبها وتر يطالب به (¬1).
وفي هذا حديث رويفع عند أبي داود: "يا رويفع أبلغ الناس أنه من عقد لحيته أو تقلد وترًا فإن محمدًا بريء منه" (¬2) ولابن حبان من حديث أنس: أمر بقطع الأجراس (¬3). وفي حديث عائشة تقطع من أعناق الإبل يوم بدر (¬4). قَالَ ابن عبد البر: لا بأس أن تقلد الخيل قلائد الصوف الملون إذا لم يكن ذَلِكَ خوف نزول العين (¬5). وقد سلف ذَلِكَ، قَالَ ابن الجوزي: ربما صحف من لا علم له بالحديث، فقَالَ: ومن وبر بباءٍ موحدة، وإنما هي مثناة فوق، وإنما المراد بها: أوتار القسي كانوا يقلدونها لئلا تصيبها العين، فأمر بالقطع؛ لأنها لا ترد القدر كما سلف، وقيل: نهي عن ذَلِكَ لئلا تختنق عند شدة الركض، وهو قول محمد بن الحسن الشيباني، وقال النضر فيه كما قال وكيع في الفرس، أي: لا تطلبوا الوتر (¬6)، وهو بعيد لفظًا ومعنى.
وقد اختلف العلماء في تقليد البعير وغيره من الحيوان -والإنسان- ما ليس بتعاويذ قرآنية مخافة العين، فمنهم من نهى عنه ومنعه قبل الحاجة، وأجازه عند الحاجة تمسكًا بحديث أبي داود عن عقبة بن عامر مرفوعًا: "من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا ودع الله له" (¬7)، ومنهم من أجازه قبل الحاجة وبعدها (¬8).
¬__________
(¬1) انظر: "شرح ابن بطال" 5/ 160.
(¬2) أبو داود (36)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (26) على شرط مسلم.
(¬3) "صحيح ابن حبان" 10/ 552 (4701).
(¬4) السابق 10/ 552 (4699).
(¬5) "التمهيد" 17/ 165.
(¬6) السابق 17/ 163.
(¬7) لم أجده في المطبوع من "سنن أبي داود" وأخرجه أحمد 4/ 154.
(¬8) انظر حكايته الخلاف في "إكمال المعلم" 6/ 642.

الصفحة 156