كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

عليك، ولا يقول: عليكم، بالجمع. وحكي أيضًا أن بعض أصحابنا جوز أن يقول: عليكم السلام فقط، ولا يقول: ورحمة الله وبركاته. وهو ضعيف مخالف للأحاديث.
وذهب آخرون إلى جواز الابتداء للضرورة أو لحاجة تعن له إليه أو لذمام أو نسب، وروي ذَلِكَ عن إبراهيم وعلقمة. وقال الأوزاعي: إن سلمت فقد سلم الصالحون، وإن تركت فقد ترك الصالحون. وتأول لهم قوله: "لا تبدءوهم بالسلام" أي: لا تبدءوهم كصنيعكم بالمسلمين.
واختلف في رد السلام عليهم، فقالت طائفة: رده فريضة على المسلمين والكفار، وهذا تأويل قوله: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86].
قَالَ ابن عباس وقتادة في آخرين: هي عامة في الرد على المسلم والكافر، وقوله: {أَوْ رُدُّوهَا} يقول للكافر: وعليكم. قَالَ ابن عباس: من سلم عليك من خلق الله تعالى فاردد عليه وإن كان مجوسيًّا (¬1). وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى عبد الله بن أبيٍّ جالسًا نزل فسلم عليه (¬2)؟ ورُدَّ بأنه كان يرجو إسلامه.
وروى ابن عبد البر عن أبي أمامة الباهلي أنه كان لا يمر بمسلم ولا يهودي ولا نصراني إلا بدأه بالسلام، وعن ابن مسعود وأبي
¬__________
(¬1) رواه الطبري 4/ 191 (10045).
(¬2) سيأتي برقم (4566) كتاب: التفسير، باب: ({وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} من حديث أسامة بن زيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بمجلس فيه عبد الله بن أُبي وفي المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين، فسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم، ثم نزل فدعاهم إلى الله .. الحديث.

الصفحة 24