كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

الدرداء وفضالة بن عبيد أنهم كانوا يبدءون أهل الكتاب بالسلام، وكتب ابن عباس إلى كتابي: السلام عليك، وقال: لو قَالَ لي فرعون خيرًا لوددت عليه. وقيل لمحمد بن كعب: إن عمر بن عبد العزيز يرد عليهم ولا يبتدئهم فقال: ما أرى بأسًا أن يبدأهم بالسلام لقوله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} [الزخرف: 89] وفيه رد لما سلف.
وقالت طائفة: لا يرده على الكتابي، والآية مخصوصة بالمسلمين، وهو قول الأكثرين، وعن (ابن) (¬1) طاوس يقول: علاك السلام. أي ارتفع عنك. واختار بعضهم كسر السين من السلام أي الحجارة (¬2).
فرع:
لو تحققنا قولهم السلام، فهل يقال: لا يمتنع الرد عليهم بالسلام الحقيقي كالمسلم، أو يقال بظاهر الأمر، فيه تردد لتعارض اللفظ والمعنى.
فرع:
عن مالك إن بدأت ذميًّا على أنه مسلم ثم عرفته فلا تسترد منه السلام. ونقل ابن العربي عن ابن عمر أنه كان يسترده منه فيقول: اردد عليَّ سلامي (¬3).
فائدة: أدخل بعضهم هذا الحديث في باب: من سب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا وجه له كما نبه عليه ابن عبد البر (¬4)، وسيكون لنا عودة إلى ذَلِكَ في كتاب الأدب.
¬__________
(¬1) من (ص1).
(¬2) "التمهيد" 17/ 91 - 94.
(¬3) "عارضة الأحوذي" 10/ 170، وانظر "الموطأ" ص595، "المنتقى" 7/ 281.
(¬4) "التمهيد" 17/ 94.

الصفحة 25