كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

حقن دماء من سمع من دارهم الأذان، واستدل بذلك على صدق دعواتهم للإيمان.
وفيه أيضًا: البيان عن صحة قول من أنكر على غزاة المسلمين بيات من لم يعرفوا حاله من أهل الحصون حَتَّى يصبحوا، فتبين حالهم بالأذان ويعلموا هل بلغتهم الدعوة أم لا، وإن كانوا ممن بلغتهم الدعوة، ولم يعلموا أمسلمين هم أم أهل صلح أو حرب لهم فلا يغيروا حَتَّى يصبحوا، فإن سمعوا أذانًا من حصنهم كان من الحق عليهم الكف عنهم، وإن لم يسمعوا الأذان، وكانوا أهل حرب أغاروا عليهم إن شاءوا.
وأما حديث الصعب بن جثامة أنه - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم، فقال: "هم منهم" -وسيأتي حيث ذكره البخاري (¬1) - فهو محمول على من بلغته الدعوة ولا يشك في حاله من أهل الحرب، فيجوز بياته.
وحديث أنس محمول على من لم يعلم، هل بلغته فينظرهم الصباح ليستبرئ حالهم بالأذان وغيره من الشعائر.
وقال ابن التين: الدعوة تجب لمن بعدت داره، واختلف في الغريب، قَالَ: وقال الحسن وغيره: لا يجب على كل أحد.
وأما حديث ابن عباس فقد أوضحنا الكلام عليه أول الكتاب، ولا بأس بإعادة قطعة لطيفة منه مختصرًا، فمعنى (شكرًا لما أبلاه الله) يقال: بلاه الله بلاءً حسنًا، والبلاء: الاختبار، يكون للخير والشر إذا كان ثلاثيًّا، وفيه: أنه كان على دين عيسى؛ فلذلك تبرر بالمشي إلى بيت المقدس.
¬__________
(¬1) سيأتي برقم (3012) باب: أهل الدار يُبَيَّتُون ..

الصفحة 41