كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

ومعنى قوله: {لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ} [التوبة: 29] يعني: إيمان الموحدين؛ لأن أهل الكتاب يؤمنون بالله، ويقولون: له ولد، ويؤمنون بالآخرة، ويقولون لا أكل فيها ولا شرب.
وقال الداودي: {وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر}: القيامة.
وقوله: {وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ} [التوبة: 29] أي: يقرون بتحريم ذلك، ويعتقدونه.
{وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ} [التوبة: 29]. قال أبو عبيدة في "مجازه": ولا يطيعون طاعة الحق، يقال: دان فلان لفلان: أطاعه (¬1).
وقوله: ({مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}) [التوبة: 29] هم اليهود والنصارى، واختلف في المجوس: هل لهم كتاب؟
والجمهور: لا. وقيل: نعم، فبدلوه فأصبحوا وقد أسري به، وإذا قلنا: لا؛ فالجماعة على أنها تؤخذ منهم الجزية إلا عند (المالكية) (¬2).
قال مالك في رواية ابن القاسم: تؤخذ من أهل الكتاب ومن المجوس عبدة (¬3) الأوثان، وكل المشركين غير المرتدين وقريش (¬4)، وفي "مختصر ابن أبي زيد": ونقاتل جميع الأمم حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية.
وحكى الطحاوي عن أبي حنيفة وأصحابه: أنها تقبل من أهل الكتاب، ومن سائر كفار العجم، ولا تقبل من مشركي العرب إلاَّ
¬__________
(¬1) "مجاز القرآن" 1/ 255.
(¬2) في الأصل: (الملك)، والمثبت من (ص1).
(¬3) ورد بهامش الأصل: لعله سقط (و).
(¬4) انظر: "النوادر والزيادات" 3/ 45 وما بعدها. و3/ 356.

الصفحة 563