كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

ثانيها: الرجلان المذكوران في حديث الباب: هبار بن الأسود القرشي الذي روَّع زينب بنت رسول - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى ألقت ذا بطنها، والثاني: نافع بن عبد القيس، ووقع لابن القسطلاني: ابن عبد عمرو، وقال ابن الجوزي في حديث حمزة: أنه - صلى الله عليه وسلم - أرسله إلى رجل من عذرة هو هبار.
ثالثها: بوب البخاري فيما سيأتي في باب لا يعذب بعذاب الله.
وفيه: كما قَالَ ابن العربي: نسخ الحكم قبل العمل به، ومنع منه المبتدعة والقدرية، وسيأتي هناك إيضاحه.
قَالَ المهلب في غير هذا الباب: ليس نهيه عن التحريق بالنار على معنى التحريم، وإنما هو على سبيل التواضع فإنه سمل أعين الرعاة (¬1) بالنار في مصلى المدينة بحضرة الصحابة، وتحريق على الخوارج بالنار، وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون على أهلها بالنار، وقول أكثرهم بتحريق المراكب (¬2).
وقال الداودي: فيه احتمال أن يقتل الكافر بالنار وأن الأفضل ألا يقتل بها، والذي في المذهب أن ذَلِكَ لا يفعل اختيارًا؛ فإن كانوا في حصن وهم مقاتلة وليس معهم مسلمون ولا نساء ولا صبيان، فقال مالك في "المدونة": يحرقون. وقال سحنون: لا. وروي عن ابن القاسم أنه مكروه (¬3)، زاد عيسى عنه: وكذلك في التدخين.
¬__________
(¬1) ورد بهامش الأصل: إنما سمل أعين الذين سملوا أعين الرعاة، وهم من عرينة ورعل ثماينة.
(¬2) "شرح ابن بطال" 5/ 172.
(¬3) "المدونة" 1/ 385.

الصفحة 60