كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

ثم ذكر حديث زهير بن معاوية، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا: "منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر أردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم" وذكر أبو داود هذِه اللفظة الأخيرة ثم قال: قاله زهير ثلاث مرات (¬1).
وفي معنى "منعت العراق" إلى آخره قولان:
أحدهما: أن أهلها أسلموا فسقطت عنهم الجزية، وأنكره ابن الجوزي وقال: هذا إخبار عن اجتماع الكل في الإسلام قال: وليس هو بشيء؛ واستدل بحديث: "كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارًا ولا درهمًا" وأشهرهما أن معناه أن العجم والروم مستولون على البلاد في آخر الزمان، فيمنعون حصول ذلك للمسلمين (¬2).
ورواية مسلم عن جابر مبينة: "يوشك أهل العراق ألا يجيء إليهم قفيز ولا درهم" قلنا: من أين ذاك؟ قال: "من قبل العجم يمنعون ذلك" (¬3).
¬__________
(¬1) أبو داود (3035) وقد رواه مسلم (2896) كتاب: الفتن، باب: لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب.
والقفيز: مكيال أهل العراق، وهو ثمانية مكاكيك، والمدي: مكيال أهل الشام، والإردب لأهل مصر. "النهاية" 1/ 104، 4/ 90.
وقوله: "وعدتم من حيث بدأتم" هو بمعنى الحديث الآخر: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ".
(¬2) ذكره النووي في "شرح مسلم" 18/ 20.
(¬3) مسلم (2913) كتاب: الفتن، باب: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل .. وذكر النووي في "شرحه على صحيح مسلم" 18/ 20 أقوالًا في سبب المنع فقال: لأنهم يرتدون في آخر الزمان فيمنعون الزكاة، وقيل: إن الكفار الذين عليهم الجزية تقوى شوكتهم.

الصفحة 648