كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ: اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ.
ثم ساقه من حديث أبي وائل وفيه: اتهموا أنفسكم .. الحديث.
ويأتي في التفسير في سورة الفتح (¬1).
وحديث أَسْمَاءَ ابنةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهْيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ. وفي آخره: "نَعَمْ، صِلِيهَا". وسلف في الهبة.
وغرض البخاري بهذا الباب أن يعرفك أن الصبر على المفاتن والصلة للقاطع أقطع للفتنة وأحمد عاقبةً، فكأنه قال: باب الصبر على أذى الفاتنين وعاقبة الصابرين، ألا ترى أنه - عليه السلام - أخذ يوم الحديبية في قتال المشركين بالصبر لهم والوقوع تحت الدنية التي ظنها عمر في الدين، وكان ذلك الصبر واللين الذي فهمه الشارع عن ربه في (بروك) (¬2) الناقة على التوجه أفضل عاقبة في الدنيا والآخرة من القتال لهم وفتح مكة على ذلك الحنق الذي نال المسلمين من تحكمهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان عاقبة صبره ولينه لهم أن أدخلهم الله في الإسلام، وأوجب لهم أجرهم في الآخرة، ألا ترى قوله: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم" (¬3) فكيف بأهل مكة أجمعين، وهم الذين كانوا أئمة العرب وسادة الناس، وبدخولهم دخلت العرب في دين الله أفواجًا.
ففيه: أن صلة المقاطع أنجع في سياسة النفوس وأحمد عاقبة. وعلى مثل هذا المعنى دل حديث أسماء في صلة أمها وهي مشركة.
¬__________
(¬1) سيأتي برقم (4844).
(¬2) في (ص1) نزول.
(¬3) جزء من حديث "لأعطين الراية غدًا ... " وقد سلف برقم (2942) كتاب: الجهاد، باب: دعاء النبي الناس إلى الإسلام.

الصفحة 650