كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

قيوده، وكان قد عذب على الإسلام، فقال سهيل والد أبي جندل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه. فرد إليه أبا جندل وهو ينادي: أتردونني إلى المشركين (وأنا منكم) (¬1) (وترون) (¬2) ما لقيته من العذاب في الله.
وقام سهيل إلى ابنه بحجر فكسر فمه، فغارت نفوس المسلمين يومئذ، وقال عمر: ألسنا على الحق.
وكذلك قال سهل: ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرددته.
فصل:
وقوله: (وَضَعْنَا سُيَوفَنَا) يعني: ما جردناها في الله لأمر فظيع علينا عظيم إلا أسهلت بنا سيوفنا وأفضت بنا إلى السهل من أمرنا من غير هذا الأمر. يعني: أمر الفتنة التي وقعت بين المسلمين في صدر الإسلام، فإنها مشكلة لم تتبين السيوف فيها الحقيقة، بل حلت المصيبة بقتل المسلمين، فنزع السيف أولى من سله في الفتنة (¬3).
فصل:
قوله: (لأَمْرٍ يُفْظِعُنَا). قال ابن فارس فظع وأفظع لغتان (¬4)، ومعناه لأمر شديد (¬5). والحديبية: بئر، وفيها التخفيف والتشديد كما سلف (¬6).
¬__________
(¬1) من (ص1).
(¬2) في الأصول: ويروى، والمثبت ما يقتضيه السياق.
(¬3) "شرح ابن بطال" 5/ 363 - 364.
(¬4) ورد بهامش الأصل ما نصه: الذي قاله ابن فارس: في اللازم لا في المتعدي، وهو هنا متعدٍّ فلا يجوز فيه إلا الرباعي، فاعلمه، والله أعلم.
(¬5) "مجمل اللغة" 2/ 723 مادة: (فظع).
(¬6) "معجم البلدان" 2/ 229 - 230.

الصفحة 653