كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

فصل:
فيه: جواز ستر عورات المشركين وطرحهم في الآبار المعطلة، وهو من باب ستر الأذى ومواراة السوءة والعورة الظاهرة.
وفيه: مواراة جيفة كل ميت من بني آدم عن العيون ما وجد السبيل إلى ذلك ولو كافرًا؛ لأمره - عليه السلام - أن يُجعلوا في قليب بدر، ولم يتركهم مطرحين بالعراء، فالحق الاستنان به فيمن أصابه في معركة الحرب أو غيرها من المشركين، فيوارون جيفته إن لم يكن لهم مانع من ذلك ولا شيء يعجلهم عنه من خوف كثرة عدو.
وإذا كان ذلك من سننه في مشركي أهل الحرب، فالذمي أولى إذا مات ولا أحد من أوليائه وأهل بيته بحضرته، وحضرة أهل الإسلام أولى أن تكون السنة فيهم سنته في أهل بدر في أن يواروا جيفته ويدفنوه.
وقد أمر الشارع عليًّا في أبيه أبي طالب إذ مات فقال: "اذهب فواره" (¬1) فإن لم يفعلوا ذلك لشاغل أو مانع لهم من ذلك لم أرهم حرجين بترك ذلك؛ لأن أكثر مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كان فيها القتال لم يذكر عنه من ذلك ما ذكر عنه يوم بدر.
¬__________
(¬1) رواه أبو داود (3214)، والنسائي4/ 79، وفي "الكبرى" 1/ 107 (195)، 1/ 647 (2133)، 5/ 151 (8534)، وأحمد 1/ 97، 103، 129، 131.
والبزار 2/ 207 (592)، وعبد الرزاق 6/ 39 (9936)، وابن أبي شيبة 2/ 470 (11840)، وأبو داود الطيالسي 1/ 113، 114 (122، 124)، وأبو يعلى 1/ 334 (423)، 1/ 335 (424)، والطبراني في "الأوسط" 6/ 251 (6322)، والبيهقي 1/ 304، 3/ 398. من طرقٍ عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، وعن السدي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، كلاهما عن علي بن أبي طالب.
وقد صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (161).

الصفحة 660