كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 18)

كتاب الفتنة في حديث: "تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم" (¬1).
وأما حديث سلمة فقوله: ("ألا تبايع") أراد أن يؤكد ببيعته لشجاعة سلمة وغنائه في الإسلام وشهرته بالثبات، فلذلك أمره بتكرير المبايعة، وليكون له في ذَلِكَ فضيلة، وليقوي نيته، وإنما بايعهم حين قيل له: قريش أعدوا لقتالك. وكان قد بعث عثمان ليأتيه بالخبر؛ لأنه كان أمنع (صاحبه) (¬2) جانبًا بمكة لكثرة من كان بها من بني أمية، فأبطأ عليه فخشي عليه مع ما قيل عن قريش فبايع، وبايع لعثمان إحدى يديه بالأخرى، وقيل له حين أبطأ عثمان: أظنه أبطأ به الطواف بالبيت. فلما أتى ذكر ذَلِكَ له فقال: ما كنت لأطوف به قبل أن يطوف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أتقدم بين يديه في شيء. وقال ابن عمر: لو علم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن بمكة أعز من عثمان لبعثه.
وأما حديث أنس فالذي أجابهم - صلى الله عليه وسلم - من الرجز إنما هو لابن رواحة فتمثل به، وإنما كان يقول: "ارحم المهاجرين والأنصار"، قاله الداودي، قَالَ: وقوله: "اللَّهُمَّ" أحسبه ليس فيه ألف ولام إنما قَالَ ابن رواحة: الاهم. فأتى به بعض الرواة على المعنى، وتعقبه ابن التين فقال: ما ذكره لا يصح هنا ولا يتزن به الرجز، نعم يصح كما سلف:
اللَّهُمَّ إن العيش عيش الآخرة.
فهذا (إذا) (¬3) أسقط منه الألف واللام صار موزونًا.
¬__________
(¬1) سيأتي برقم (7081).
(¬2) ذكر في الهامش: لعله (أصحابه).
(¬3) من (ص1).

الصفحة 77