كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 18)

قَال: ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ غَامِدٍ مِنَ الأَزْدِ. فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! طَهِّرْنِي. فَقَال: "وَيحَكِ! ارْجِعِي فَاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيهِ لا فَقَالتْ: أَرَاكَ تُرِيدُ أَنْ تُرَدِّدَنِي كَمَا رَدَّدْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ. قَال: "وَمَا ذَاكِ؟ " قالتْ: إِنَّهَا حُبْلَى مِنَ الزِّنَا. فَقَال:
ــ
ريح المسك فإذا هو أبوه فأعناه على غسله وتكفينه ودفنه قال: وما أدري قال: والصلاة عليه أم لا رواه أبو داود [٤٤٣٥].
وفيه دليل على أن المرجوم يغسل ويكفن ويصلى عليه وفي معناه كلُّ من قتل في حد من المسلمين غير أن الإمام يجتنب الصلاة على من قتله في حد على مذهب مالك وأحمد بن حنبل لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على ماعز (قال) بريدة: (ثم) بعد رجم ماعز (جاءته) صلى الله عليه وسلم (امرأة من غامد) هو بطن من جهينة مصغرًا وهي (من الأزد) والأزد قبيلة كبيرة من العرب قال القرطبي: كذا قال في هذه الرواية وفي الرواية الأخرى (من جهينة) ولا تعارض بين الروايتين فإن غامدًا قبيلة من جهينة قال عياض: وأظن أن جهينة من الأزد وبهذا تتفق الروايات واسم الغامدية سبيعة وقيل: أمية بنت فرح اهـ من المفهم قال في المصباح وغامدة بالهاء حي من الأزد وهم من اليمن وبعضهم يقول غامد بلا هاء وحكى الأزهري القولين اهـ والظاهر أن هذه الغامدية هي مَزْنية ماعز وذكر الخطيب البغدادي في كتابه الأسماء المبهمة أن اسمها سُبيعة مصغرًا وأخرج ذلك بسنده عن عائشة وقيل إنها ابنة فرح وأخرجه الخطيب أيضًا عن عبد الله بن حماد والله أعلم (فقالت) الغامدية: (يا رسول الله طهرني) من ذنبي أي كن لي سببًا في التطهير من ذنبي بإقامة الحد علي (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويحك) بكسر الكاف خطابًا لها أي ألزمك الله الويح والرحمة (ارجعي) عن إقرارك (فاستغفري الله) سبحانه (وتوبي إليه فقالت) الغامدية: (أراك) أي أظنك يا رسول الله (تريد أن ترددني) أي أن ترجعني عن إقراري (كما رددت) ورجعت (ماعز بن مالك) بلا قبول لإقراره والرواية التالية أن تردني فالتفعيل هنا للمبالغة فـ (ـقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما ذاك) أي: وما سبب تطهيرك (قالت: إنها) أي إن هذه اللئيمة تريد نفسها (حبلى) أي حاملة (من الزنا) أرادت إني حبلى من الزنا فعبرت عن نفسها بالغيبة فكأنها قالت: إنك يا رسول الله تريد رجوعي عن إقراري كما أردت ذلك لماعز ولا أنقاس عليه لظهور الحمل فيَّ اهـ من بعض الهوامش (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

الصفحة 457