كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 18)

"آنْتِ؟ " قَالتْ: نَعَمْ. فَقَال لَهَا: "حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ". قَال: فَكَفَلَهَما رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ. قَال: فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَال: قَدْ وَضَعَتِ الْغَامِدِيَّةُ. فَقَال: "إِذًا لَا نَرْجمَهَا وَنَدَعَ وَلَدَهَا صَغِيرًا لَيسَ لَهُ مَنْ يُرْضِعُهُ" فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: إِلَيَّ رَضَاعُهُ. يَا نَبِيَّ الله
ــ
(آنت) حُبلى من الزنا (قالت: نعم) أنا حبلى من الزنا.
قال القرطبي: (قوله: إنها لحبلى من الزنا) اعتراف منها من غير تكرار يطلب منها ففيه دليل على عدم اشتراطه على ما مر وكونه صلى الله عليه وسلم لم يستفصلها كما استفصل ماعزًا لأنها لم يظهر عليها ما يوجب ارتيابًا في قولها: ولا شكًّا في حالها بخلاف حال ماعز فإنه ظهر عليه ما يشبه الجنون فلذلك استفصله النبي صلى الله عليه وسلم ليستثبت في أمره.
(فقال لها) رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصبري ولا تستعجلي (حتى تضعي) أي تلدي (ما في بطنك) من الجنين وهذا يدل على أن الجنين وإن كان من زنى له حرمة وأن الحامل لا تحد حتى تضع لأجل حملها وهذا لا خلاف فيه إلا شيء روي عن أبي حنيفة على خلاف عنه فيه وقال في الرواية الأخرى: (إمَّا لا فاذهبي حتى تلدي) إما بكسر الهمزة التي هي همزة إن الشرطية زيدت عليها (ما) المؤكدة بدليل دخول الفاء في جوابها و (لا) التي بعدها للنفي فإنه قال: إن رأيت أن تستري وترجعي عن إقرارك فافعلي وإن لم تفعلي فاذهبي حتى تلدي اهـ (قال) بريدة: (فكفلها) أي فتكفل بمؤنتها وقام بمصالحها ليس من الكفالة التي بمعنى الضمان لأنها غير جائزة في حدود الله تعالى كما في النووي (رجل من الأنصار) لم أر من ذكر اسمه (حتى وضعت) أي ولدت حملها (قال) بريدة: (فأتى) ذلك الرجل: (النبي صلى الله عليه وسلم فقال) الرجل له صلى الله عليه وسلم: (قد وضعت الغامدية) يا رسول الله (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذًا) بالتنوين حرف نصب وجواب (لا نرجمها) بالنصب وفي نسخة بالرفع على إهمالها نظرًا إلى فصلها بلا (وندع) بالوجهين أي نترك (ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه) أي لا يكون منا قتلها وترك ولدها بلا مرضع ولا حاضن له (فقام رجل) آخر وإنما وصفناه بالآخر لأن النكرة إذا كررت كانت غير الأولى ولم أر من ذكر اسمه أيضًا (فقال) ذلك الآخر: (إليَّ رضاعه) أي موكول إلي مؤنته وتربيته (يا نبي الله) وإنما فسرناه كذلك لأنه

الصفحة 458