كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 18)

قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا وَنَحْمِلُهُمَا. وَنُخَالِفُ بَينَ وُجُوهِهِمَا. ويطَافُ بِهِمَا. قَال: "فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ. إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فَجَاؤُوا بِهَا فَقَرَؤُوهَا. حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ، وَضَعَ الْفَتَى، الَّذِي يَقْرَأُ، يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ. وَقَرَأَ مَا بَينَ يَدَيهَا وَمَا وَرَاءَهَا. فَقَال لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلامٍ،
ــ
قال النووي: هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم فإنما هو لإلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم ولإظهار ما كتموه من حكم التوراة وأرادوا تعطيل نصها ففضحهم بذلك اهـ بزيادة من المرقاة وقال الباجي: يحتمل أن يكون علم بالوحي أن حكم الرجم ثابت فيها على ما شرع لم يلحقه تبديل ويحتمل أن يكون علم ذلك بإخبار عبد الله بن سلام وغيره ممن أسلم منهم على وجه حصل له به العلم بصحة نقلهم ويحتمل أن يكون إنما سألهم عن ذلك ليعلم ما عندهم فيه ثم يتعلم صحة ذلك من قبل الله تعالى كذا في فتح الباري [١٣/ ١٦٨] (قالوا) لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (نسود وجوههما) بالحمم بضم الحاء وفتح الميم وهو الفحم (ونحملهما) على الدابة بسكون الحاء من الحمل وهو رواية السمرقندي (ونخالف بين وجوههما) بأن يجعل ظهر أحدهما إلى ظهر الآخر في الدابة الواحدة (ويطاف بهما) في البلدة أي نفضحهما بتسويد وجوههما بالفحم وحملهما على الدابة بالتخالف في الركوب وذكر الخازن في التفسير أنهما يحملان على حمارين ووجوههما من قبل ذنب الحمار وفي بعض النسخ (ونحممهما) وفي رواية العذري بدل (ونحملهما) وهو من التحميم بمعنى التسويد بالحمم بضم الحاء وفتح الميم وهو الفحم فيكون تكرارًا لقولهم: (نسود وجوههما) قال النووي: وهي ضعيفة ولكن فسره الحافظ في الفتح [١٢/ ١٢٩]، بقوله أي يصب عليه ماء حار مخلوط بالرماد فلو أريد هذا المعنى فلا تكرار لأن التحميم من الماء والتسويد بالفحم وفي بعض النسخ (نجملهما) بالجيم وهو رواية السنجي أي نحملهما جميعًا على الجمل (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فأتوا بالتوراة) ننظرها (إن كنتم صادقين) فيما قلتم (فجاؤوا بها فقرؤوها) على رسول الله صلى الله عليه وسلم (حتى مرو بآية الرجم) أي قربوا بالمرور على آية الرجم (وضع الفتى الذي يقرأ) ها وهو عبد الله بن صوريا قال النقاش: إنه أسلم ذكره السهيلي عنه اهـ من المعلم (يده) أي كفه (على آية الرجم وقرأ ما بين يديها) أي ما قبلها (وما وراءها) أي وما بعدها. (فقال له) صلى الله عليه وسلم: (عبد الله بن سلام) مخفف اللام بن الحارث الإسرائيلي اليوسفي الصحابي المشهور

الصفحة 476