كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 18)

سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: "الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ. وَالْبِئْرُ جُبَارٌ
ــ
سعيد بن المسيب وأبي سلمة) بن عبد الرحمن كلاهما (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: العجماء) مؤنث الأعجم وهي البهيمة وقال النووي: العجماء هي كل الحيوان غير الآدمي وسميت البهيمة عجماء لأنها لا تتكلم (جرحها) أي جرح البهيمة وإتلافها شيئًا الجرح بفتح الجيم مصدر وبضمها اسم وإنما عبر بالجرح لأنه الأغلب أو هو مثال منه على ما عداه وقد وقع في بعض الروايات العجماء جبار بدون لفظ الجرح فمعناه إتلاف العجماء بأي وجه كان بجرح أو غيره كذا في عمدة القاري [١١/ ٢٦]. أي جرح العجماء وإتلافها شيئًا من المال ونحوه (جبار) بضم الجيم أي هدر لا ضمان على صاحبها إذا لم يوجد منه تفريط أما إذا وجد كما في صورة كونه راكبًا عليها أو قائدًا لها أو سائقًا أو راعيًا لها ففيه ضمان على التفصيل المذكور في الفقه وقوله: (العجماء) مبتدأ جرحها بدل اشتمال منه وقوله: جبار خبره قال ابن الأثير نقلًا عن الأزهري الجرح ها هنا بفتح الجيم على المصدر لا غير اهـ. والتعبير بالجرح باعتبار الأغلب وليس في كل روايات البخاري لفظ الجرح فيكون المعنى إتلاف العجماء بأي وجه كان بجرح أو غيره هدر لا شيء فيه.
وقال الشافعي رحمه الله: إذا كان مع البهيمة إنسان فإنه يضمن ما أتلفته من نفس أو عضو أو مال سواء كان سائقًا أو راكبًا أو قائدًا وسواء كان مالكًا أو أجيرًا أو مستأجرًا أو مستعيرًا أو غاصبًا وسواء أتلفت بيدها أو رجلها أو ذنبها أو رأسها وسواء كان ذلك ليلًا أو نهارًا لأن الإتلاف لا فرق فيه بين العمد وغيره ومن هو مع البهيمة حاكم عليها فهي كالآلة بيده ففعلها منسوب إليه سواء حملها أم لا وسواء علم به أم لا كذا في فتح الباري [١٢/ ٢٥٨] (والبئر) أي وتلف الواقع في بئر حفرها إنسان في ملكه أو في موات (جبار) أي لا ضمان فيه إذا لم يكن منه تسبب إلى ذلك ولا تغرير وكذا لو استأجر إنسانًا ليحفر له البئر فانهارت عليه أو ليبني عمارة فسقط منها فلا ضمان وأما من حفرها تعديا كأن حفرها في طريق أو في ملك غيره بغير إذن فتلف بها إنسان فإنه تجب ديته على عاقلة الحافر والكفارة في مال الحافر وإن تلف بها غير آدمي وجب ضمانه في مال الحافر ويلتحق بالبئر كل حفرة على التفصيل المذكور كذا في فتح الباري قال أبو عبيدة: والمراد بالبئر ها هنا العادية القديمة التي لا يعلم لها مالك تكون في البادية فيقع

الصفحة 515