فحصل أمرهما على أن اتفقا على إسقاطِ الاحتجاجِ بالخبرين معًا: خبر بُسْرةَ وخبر طَلْقٍ. ثم صارا إلى الآثارِ المرويةِ عن الصحابةِ في ذلك، فصار أمرهما إلى أن احتجَّ أحمدُ بحديثِ ابنِ عمرَ فلم يمكنْ يحيى دفعه)).
وقال ابنُ كثير: ((قال ابنُ المنذرِ: بلغني عن أحمدَ بنِ حنبلٍ ويحيى بنِ مَعِينٍ أنهما اتفقا على ضَعْفِ هذا الحديثِ)) (إرشاد الفقيه ١/ ٥٠).
وهذا الذي ذكره ابنُ المنذرِ عن أحمدَ وابنِ مَعِينٍ إنما أخذه من رجاء المروزيِّ، فقال في (الأوسط ١/ ٣٠٩): ((وحكى رجاءٌ المروزيُّ عن أحمدَ وابنِ مَعِينٍ أنهما اجتمعا، فتذاكرا الوُضُوءَ من مَسِّ الذَّكَرِ، فكان أحمدُ يرى منه الوضوء، ويحيى لا يرى ذلك، وتكلما في الأخبار التي رُويت في ذلك، فحصل أمرهما على أن اتفقا على إسقاط الاحتجاج بالخبرين معًا خبر بُسْرةَ وخبر قَيْسٍ، ثم صارا إلى الأخبار التي رُويتْ عن الصحابة)).
فرجعَ قولُ ابنِ المنذرِ إلى حكاية النقاش المفسر عن السرخسي عن رجاء المروزي في اجتماعهم في مسجد الخيف، هو، وأحمدُ بنُ حنبلٍ، وعليُّ بنُ المدينيِّ، ويحيى بنُ مَعِينٍ. وتقدَّمَ أن هذه الحكاية شديدة الضعف؛ فإن النقاش والسرخسي كلاهما متهم.
ومع هذا قال مغلطاي: ((وذَكَر الخَطَّابيُّ أن هذه المناظرة كانت بين أحمد ويحيى، وأن أحمدَ احتجَّ بحديثِ ابنِ عمرَ ولم يدفعه يحيى، فلعلهما واقعتان)) (شرح ابن ماجه ١/ ٥٣٦).
قلنا: ومع ضَعْفِ الحكايةِ، فقد نَقَلَ ابنُ المنذرِ في (الأوسط ١/ ٣٠٩) قال: ((وحكى محمد (¬١) بن علي الوراق أنه سمع أحمدَ قال: ((وقد رُوي عن
---------------
(¬١) تصحَّفَ في المطبوع إلى (أحمد). والمثبتُ هو الصوابُ؛ فهو المعروفُ في أصحابِ أحمدَ.