إذا نظرنا إلى سوء النسخة الأصل لـ (علل الدارقطني)، وَجَست منها النَّفْسُ، ولكن لا ننسى قولَ الدارقطنيِّ: ((ورواه سعيد بن أبي عَروبة -وقيل: عن شُعْبةَ- عن معمرٍ)) فهذا يُبعدُ التهمةَ عن النساخ إذا ما فهمنا مراد الدارقطنيِّ بعبارته هذه كما سنبينه قريبًا.
وعلى القولِ بأنه اختلاف على يحيى، فالخلافُ دائرٌ بين الأصمِّ -وهو إمامٌ حافظٌ كبيرٌ- وبين الفارسي وابن السماك -وهما ثقتان ثبتان-، فكِفتهما أرجح.
فإن قيلَ: يُستأنسُ لرواية الأصمِّ بمتابعةِ علي بن معبد السابقة عند الطبرانيِّ.
قلنا: الراوي لهذه المتابعة مجهول.
ثم إننا لو نظرنا لظاهر الإسناد، فإن عبد الوهاب بن عطاء مشهورٌ بالروايةِ عن ابنِ أبي عروبةَ، مكثرٌ عنه، وكان عالمًا بحديثه، وممن روى عنه قديمًا (عند أحمد)، على أنه متكلَّمٌ فيه في الجملة، وإنما أخرجَ له مسلمٌ من حديثِهِ عن ابنِ أبي عروبةَ للزومه له وعنايته بحديثه. وفي المقابل، ليس عبد الوهاب بن عطاء من أصحاب شعبة المعنيين بحديثه، كما أنه لم يَرْوِ هذا الحديث عن شُعْبةَ واحدٌ من أصحابه المعنيين بحديثه.
ويبدو لنا أن هذا هو السبب الذي جعل الدارقطنيّ يجزمُ برواية سعيد للحديث دون شعبة.
وقول الدارقطنيِّ: ((ورواه سعيد بن أبي عروبة -وقيل: عن شُعْبةَ- عن معمرٍ)) لا يُفْهَمُ منه أن شعبةَ تابع ابن أبي عروبة من وجهٍ لا يَثبتُ، بقدرِ ما يُفْهَمُ منه أن الحديثَ رواه ابنُ أبي عروبةَ، وجعله بعضهم عن (شعبة) بدلًا من (سعيد).