كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 19)

قلنا: والذي يترجَّحُ لدينا أن راوي الحديث عن معمرٍ هو سعيدُ بنُ أبي عَروبةَ، وخاصة للنكارة التي في متنه، وهي قول عروة: ((فحدَّثْتُ به مروانَ بنَ الحَكَمِ فأرسلَ إليها [حرسيًّا] فأَخْبَرَتْهُ بذلك))، وهذه عبارةٌ منكرةٌ، ظاهرها أن مَرْوانَ هو الذي أنكرَ الحديثَ على عروةَ حتى استثبت من الحرسي، والصحيح العكس، كما سَبَقَ.
ولذا أنكره البيهقيُّ، فقال: ((هكذا قال، والصوابُ رواية عَقيل بن خالد إسنادًا ومتنًا)) (الخلافيات ٢/ ٢٣٠).
ويعني برواية عَقيل ما أسندَهُ قبلُ من طريقه عنِ الزهريِّ عن عبد الله بن أبي بكر، عن عُرْوةَ قال: ذَكَرَ مروانُ في إمارته أنه يُتوضَّأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ إذا أَفْضَى إليه الرجلُ بيده، فأنكرتُ ذلك، فقال مروانُ: بل أخبرتني بُسْرةَ ... وساقَ الحديثَ (الخلافيات ٥٠٥/ بتصرف يسير)، وسيأتي الكلامُ عن المخالفةِ في السندِ.
قلنا: ولم تَرِدْ هذه العبارة المنكرة في رواية ابن سواء؛ لأنه ممن سمعَ من ابنِ أبي عروبة قديمًا.
وعبد الوهاب وإن كان ممن سمع قديمًا أيضًا كما قاله أحمد، فإنه قد وَرَدَ عنه أنه قال: ((سمعتُ منه في الاختلاطِ وغير الاختلاطِ، فليس أُميز بين هذا وهذا)) (شرح العلل لابن رجب ٢/ ٧٤٧).
فتُحمل هذه الرواية على أنها مما سمعه عبد الوهاب من سعيدٍ بعدَ الاختلاطِ. وإلا فيتحمل هو عبء هذه النكارة لِما فيه من ضَعْفٍ في الجملةِ كما قررناه.

إلَّا أنه قد رُوي الحديثُ عن ابنِ أبي عروبةَ من وجهٍ آخرَ ضعيف، وفيه

الصفحة 135