كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 19)

أضفْ إلى ذلك أن معمرًا شَذَّ في روايته عنِ الزهريِّ؛ وذلك أن المعروفَ عنِ الزهريِّ روايته عن عبد الله بن أبي بكر عن عُرْوةَ بإسنادِهِ قال: ((وَيُتَوَضَّأُ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ)). هكذا بلفظِ الخبرِ لا الأمر.
كذا رواه شعيبُ بنُ أبي حمزةَ، ويونسُ، وعقيل ... وغيرُهُم. كما تقدَّمتْ روايتُهم.
فَشَذَّ في إسقاطِ: ((عبد الله بن أبي بكر))، وكذا في لفظِ الحديثِ.
ولكن ألصقَ الطحاويُّ التهمةَ بالزهريِّ فقال: ((وهذا الحديثُ أيضًا لم يسمعْه الزهريُّ من عروةَ، إنما دَلَّسَ به)).
قال بدرُ الدين العينيُّ مبينًا كلامَه: ((هذه إشارةٌ إلى وجهٍ آخرَ في سقوطِ العملِ بحديثِ بُسْرةَ المذكور، وهو كونه مُدَلَّسًا؛ وذلك لأن الزهريَّ لم يسمعْه من عروةَ، وإنما دَلَّسَ به، بَيَّنَ ذلك ما رواه يونس بن عبد الأعلى المصري، عن شعيب بن الليث ... إلى آخره، فصارَ هذا الحديثُ عنِ الزهريِّ، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عُرْوةَ. وانحط بذلك درجة)) (نخب الأفكار ٢/ ٨٥).
وقال القدوري الحنفيُّ: ((وقد رُوِي هذا الحديثُ عنِ الزهريِّ عن عُرْوةَ؛ فقد دَلَّسَ به، وبينهما رجل، وهو عبد الله بن أبي بكر)) (التجريد ١/ ١٨٨).
بينما أجابَ ابنُ حزمٍ على ما تقدَّم، فقال: ((فإن قِيلَ: إن هذا خبر رواه الزهريُّ عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عُرْوةَ. قلنا: مرحبًا بهذا، وعبد الله ثقة، والزهريُّ لا خلافَ في أنه سمعَ من عروةَ وجالسه، فرواه عن عُرْوةَ، ورواه أيضًا عن عبد الله بن أبى بكر عن عُرْوةَ، فهذا قوة للخبر)) (المحلى ١/ ١٣٦).

الصفحة 142