كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 19)

أسندها الخلال شيخ الطبراني- ما هي إلا وهم، وهذه هي العلةُ الثالثةُ.
ويؤيدُ ذلك أن المحفوظَ عن أبي علقمة الفروي إنما هو روايته الحديث عن هشام بن عروة، وليس عن مالك، كما ستراه فيما يلي.
الطريق الثالث: أخرجه الطبرانيُّ في (الأوسط ٨٥٧١) قال: حدثنا معاذٌ قال: نا عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الوهابِ الحَجَبِيُّ قال: نا أبو علقمةَ الفَرْوِيُّ قال: سَمِعتُ هشامَ بنَ عُرْوَةَ يقول: أخْبرَني أَبِي، عن بُسْرةَ بنتِ صَفْوَانَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الوُضُوءُ)).
وهذا إسنادٌ رجاله ثقات، أبو علقمة الفروي وَثَّقَهُ جماعةٌ، وقال الحافظُ: ((صدوق)) كما سَبَقَ. ومعاذ هو ابنُ المثنى بن معاذ العنبري، ثقة (تاريخ بغداد ٧١٢١).
ولكن هذا الإسناد منكر المتن -مع ثقة رجاله-، وذلك؛ لمخالفة أبي علقمة الفروي للثقات من وجهين:
الوجه الأول: أن كلَّ مَن روى هذا الحديثَ عن هشام بن عروة -وهم عددٌ كبيرٌ منَ الثقاتِ والحفَّاظِ؛ أمثال أيوب السَّختياني، ويحيى بن سعيد القطان، والثوري، والحمَّادين، وأبي أسامة ... وغيرُهُم كثير- رووه بلفظ: ((مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ))، ولم يذكرْ واحدٌ منهم هذه اللفظة: ((فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الوُضُوءُ))، فدلَّ ذلك على نكارتها، وأنها من أوهام الفروي.
وأشار إلى ذلك الطبرانيُّ بقوله عقب الحديث: ((لم يقلْ أحدٌ ممن رَوى هذا الحديثَ عن هشام بن عروة: ((فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الوُضُوءُ)) إلا أبو علقمة الفَرْوي)).
الوجه الثاني: أن مالكًا رواه في (الموطأ ٦١) عن هشام بمثل سياق الفروي،

الصفحة 165