كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 19)

وذَكَر ابنُ منده في كتابه أن عمرو بن علي الفلاس قال: ((حديثُ قيسٍ أثبتُ من حديثِ بُسْرةَ)) (الإمام لابن دقيق العيد ٢/ ٢٦٧).
وقال أبو بكرٍ الجصاصُ: ((قد بينا أن شرطنا في قَبول الأخبار من طريق الآحاد- أن لا يكون بالناس إليه حاجة عامة، وأن ما عمَّت البلوى به لا يَكِل النبيُّ صلى الله عليه وسلم علمه إلى الخاصةِ وإلى الأخبارِ الشاذةِ.
وإنما نقبلُ روايات الآحاد في الشيءِ الخاصِّ الذي يُبتلى به خواصٌّ منَ الناسِ، فيجيبُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيه على حَسَب ورود الحادثة ... ولم يَثبتْ عن أحدٍ من علماءِ السلفِ، وعلية الصدر الأول- إيجاب الوضوء من مَسِّ الذَّكرِ.
فإن قيل: قد كان ابنُ عمرَ رضي الله عنه يرى ذلك.
قيل له: قد كان ابنُ عمرَ مُصَعِّبًا على نفسِهِ في أمرِ الطهارةِ، وكان يَتَوضَّأُ لكلِّ صلاةٍ ومما غَيَّرتِ النارُ، ويُدْخِلُ الماءَ في عينيه في الوضوءِ. فجائزٌ أن يكونَ فَعَلَ ذلك على عادتِهِ المعروفة في التشديد في أمر الطهارة، وعلى جهة الاحتياط.
وابنُ عمرَ رضي الله عنه إنما أَخَذَ ذلك عن بُسْرةَ رضي الله عنها.
وقد عَلِمَ ابنُ عباسٍ برواية بُسْرةَ، فلم يلتفتْ إليها. وكذلك عامة مَن حكى عنه من الصحابة نفي الوضوء من مَسِّ الذَّكرِ، قد سمعوا حديث بُسْرةَ فلم يلتفتوا إليه، ولم يعملوا به غير ابن عمر رضي الله عنه)) (شرح مختصر الطحاوي ١/ ٤٠١).
وقال القدوري: ((وعن سعيد بن منصور قال: حديث بُسْرةَ لا يساوي بعرة. فهذا طَعُن الأئمة عليه. وخبر الواحد لو سَلِم من الطعن لم يُقبل عندنا فيما

الصفحة 80