بحديث الوضوء من مَسِّ الذكر؛ لأن بُسْرةَ تفرَّدتْ بروايتِهِ مع عموم الحاجة لهم إلى معرفته.
فالقول بأن النبيَّ عليه السلام خصَّها بتعليم هذا الحكم، مع أنها لا تحتاج إليه، ولم يَعلم سائر الصحابة مع شدة حاجتهم إليه- شبه المحال)) (أصول السرخسي ١/ ٣٦٨).
وانظر (كشف الأسرار لعلاء الدين البخاري ٣/ ١٨)، حيثُ قالَ: (( ... ومثل حديث مَسِّ الذَّكرِ الذي روته بُسْرةَ؛ فإنه شاذٌّ لانفرادها بروايتِهِ مع عموم الحاجة إلى معرفته؛ فدلَّ ذلك على زيافته؛ إذ القول بأن النبيَّ عليه السلام خصَّها بتعليم هذا الحكم، مع أنها لا تحتاج إليه، ولم يعلم سائر الصحابة مع شدة الحاجة إليه- شبه المحال، كذا ذكر شمس الأئمة رحمه الله)).
وقال السرخسي أيضًا: ((وما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقلْ هذا بين يدي كبارِ الصحابةِ حتَّى لم ينقلْه أحدٌ منهم، وإنما قاله بين يدي بُسْرةَ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا؟ ! )) (المبسوط ١/ ٦٦).
وقال المازَري -في عرض الآراء حول خبر الواحد إذا خالف ما تعم به البلوى-: ((فإذا تحققتَ أن من الأقسامِ ما يُقطع بكذبه إذا جاءَ آحادًا، وأردتَ أمثلة لهذا مما يقع الإشكال فيه، هل يلحق بهذه النقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم حكم من الأحكام، تعم البلوى به، وتمس الناس حاجة إلى العلم بحكمه، ويتكرر عليهم ما يقتضي السؤال عن حكمه كمس الذكر، فإنه مما يتكرر ويكثر في جملة الناس.
فإذا رَوَى واحدٌ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بالوضوءِ من مَسِّه، ولم يُسمعْ ذلك إلَّا من هذا الواحد؛ لم يُعمل به لكون انفراده بهذا ريبة لعموم حاجة الناس