كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 19)

كلهم إلى معرفة حكم هذا، وكثرة نزوله بهم. فمن حَقِّه أن يعلمه جميعهم أو أكثرهم، وينقلون ما سمعوا به. فإذا لم ينقلوا أو نقله واحد لا أكثر دونهم، استريب خبره ولم يصح العمل به، لا سيما إذا كان الراوي لنا امرأة بخبر مَسِّ الذَّكرِ، فإن الناقلَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالوضوءِ منه بُسْرةَ، وهي امرأةٌ لا حاجةَ لها في معرفة ذلك، ولا يصحُّ أن يخصَّ المرأة بذكرِ أحكام ذكور الرجال دون أن يعلم بذلك الرجال)) (إيضاح المحصول من برهان الأصول، صـ ٥٢٣).
وقال ابنُ العربي: ((قال أصحابُ أبي حنيفةَ: لا يُقبل خبر بُسْرةَ ونظرائها في هذا الباب لوجهين:
أحدهما: أن هذا حديث يُروى عن امرأةٍ، والحكمُ معلَّق بالرجالِ، فكيفَ يختص برواية النساء؟ ! وهذه تهمةٌ توجب التوقف وريبة ربما أثرت في التحصيل.
وثانيهما: أن هذه مسألة يعم بها البلوى، وما تعم به البلوى فيه دليلٌ على ضَعْفِهِ)) (عارضة الأحوذي ١/ ١١٧).
وقال أبو العباسِ الدَّاني: ((وقد طعنَ فيه قومٌ من ثلاثةِ أوجهٍ ... والثالث: انفراد بُسْرةَ به من بين سائرِ الصحابةِ على كثرتهم؛ إذ لم يأتِ عن غيرِها من وجهٍ لا مطعنَ فيه، وهو مما تعم به البلوى. قالوا: وما كان كذلك لم تنفردْ به امرأةٌ لا سيما وهو من أحكامِ الرجالِ)) (الإيماء ٤/ ٢٦٢ - ٢٦٥).
وقال الحازميُّ: ((وقال بعضُ من ذهبَ إلى الرخصة ... قال: وأما بُسْرةُ فغيرُ مشهورةٍ، واختلافُ الرُّواةِ في نسبها يدلُّ على جهالتها؛ لأن بعضَهم يقول: هي كِنانية. وبعضُهم يقول: أسدية. ثم لو قَدَّرنا انتفاء الجهالة عنها ما كانت

الصفحة 83