كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 19)

أما الأمر الأول: فالقولُ بأنها امرأة لا يضرُّ إذ ثبتتْ صحبتها، وهذه لا يختلف أهل العلم فيها، ولم يُنْكِر أحدٌ فيما وقفنا عليه ذلك، ونَقْلُ النساءِ والرجال سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد، وإلا رددنا سننًا كثيرة انفردَ بها أزواجُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وقد احتجَّ الشافعيُّ على من يقول: (حديث امرأة) بقوله: ((فقلتُ: تَرُدُّ حديث بُسْرةَ بنت صفوان مُهاجِرة معروفة بالفضل- بأن تقول: (حديث امرأة) وتحتجُّ بحديثِ امرأة ليست عندك منها معروفة أكثر من أن زوجها روى عنها؟ ! )) (الأم ٤/ ٧٤).
قال المازريُّ: ((واعتلالهم بأن بُسْرةَ امرأةٌ لا يَحْسُنُ خصوصها بذكرِ هذا دون الرجال- جوابه أنه من الممكنِ أن يكونَ المخاطبُ رجالًا سمعتِ الخطابَ لهم، ثم افترقوا واندرسوا قبل النقل واختُرِموا دونه، أو لهم عذرٌ مما تقدمتِ الإشارةُ إليه)) (إيضاح المحصول من برهان الأصول، صـ ٥٢٥ - ٥٢٦).
وقال ابنُ العربيِّ: ((إن هذا الحكمَ متعلقٌ بالرجالِ فلا يُقبلُ فيه النساء.
فنقول: فإن كان حكم يُقبل فيه النساء كان مختصًّا بهن أو عامًّا، قال الله تعالى: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة}. ...... وقد قبلت الصحابة حديث عائشة في التقاء الختانين، ونُسِخ به ((المَاءُ مِنَ المَاءِ)) وهو حديث امرأة. وهذا أعظم فإنه نُسِخ بحكم مستقر. وحديث مس الذكر لم يَنسخ شيئًا ... )) (عارضة الأحوذي ١/ ١١٧).
وقال -في (القبس شرح موطأ مالك بن أنس، صـ ١٦٥) -: ((وأعجبُ من هذا ما حَكَاهُ الدارقطنيُّ أيضًا عن أحمدَ بنِ حَنبلٍ ويحيى بنِ مَعِينٍ، أنه

الصفحة 86