ليس في مَسِّ الذَّكرِ حديثٌ صحيحٌ! ! مع أنهم يتلون حديث مالك، رضي الله عنه، عن بُسْرةَ! إلا إن مالوا إلى طريق المعنى وقالوا بقول أبي حنيفة، بأن قولَ بُسْرةَ -وهي امرأةٌ- في مثل هذه النازلة التي تتعلق بالرجال ولا يرويها أحد سواها- بعيدٌ.
وهذا قولٌ ضعيفٌ؛ لأن الله تعالى لم يُرِد أن يُجري السُّنةَ مُجرى القرآن حتى يتولى حفظها كما تولى حفظه. وإنما أرادَ تعالى أن يكون القرآنُ محفوظًا نصًّا معلومًا قطعًا. وأن تكون السنةُ يلتقطها الرواة التقاطًا، ويؤخذ من كلِّ أحد ما سَمِع منه، حتى من النساء والرجال؛ ولذلك قال تعالى. {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} الآية، فما اجتمع من السُّنة اجتمع، وما خفي منها في وقتٍ سيظهر في وقتٍ آخر. بل كان كثير من الصحابة يقبضون أنفسهم عن ذكرها.
فلا تستبعدوا -بَصَّركم اللهُ تعالى- والحالة هذه أن تَضبطَ امرأةٌ ما يفوتُ رجلًا، وأن يَذكر امرؤ ما نَسِي آخر))، وانظر (المسالك ٢/ ١٧٩ - ١٨٠)، و (أحكام القرآن ٣/ ٥٧٢ - ٥٧٣).
وقال أبو العباسِ الدَّاني عن قول ربيعة: ((ذكره الطحاويُّ في معاني الآثار، وفيه غلوٌ)) (الإيماء ٤/ ٢٦٦).
وقال أيضًا: ((والجواب عن هذا أن يقالَ: إن الصحابةَ كلهم ذَكَرهم وأُنثاهم محمولون على العدالة والصدق؛ لاختيار الله تعالى إياهم، وثناءه عليهم ... إلى أن قال: فما نقله واحدٌ منهم عنه صلى الله عليه وسلم وجبَ قَبوله. وعلى هذا جمهورُ السلفِ إلا مَن شَذَّ)) (الإيماء ٤/ ٢٦٧ - ٢٧٠).
وقال ابنُ الجوزيِّ: ((وما حكوه عن الحربيِّ فبعيدٌ؛ لأن قولَه: (عن امرأة)