قلنا: هذه الحكايةُ أسندَها ابنُ عبدِ البرِّ عن شيخِهِ خَلَف بن القاسم، قال: حدثنا محمد بن زكريا بن يحيى المقدسي ببيت المقدس، قال: حدثنا مضر بن محمد، به. وابنُ زكريا هذا لم نجدْ لَهُ ترجمةً.
ورُويت عن مُضَر من وجهٍ آخرَ، ذَكَره ابنُ دَقيقِ العيدِ في (الإمام ٢/ ٣٠٢) قال: "ورَوَى علي بن عبد الله بن الفضل البغدادي، ثنا إبراهيم بن محمد بن خالد الحربي، ثنا مضر بن محمد، قال: ((سألتُ يحيى بنَ مَعِينٍ عن مَسِّ الذَّكَرِ، أيُّ شيءٍ أصحُّ فيه منَ الحديثِ؟ قال يحيى بنُ مَعِينٍ: لولا حديث مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عُرْوةَ، عن مروانَ، عن بُسْرةَ، فإنه يقول فيه: (سمعت، قال: سمعت)، لقلتُ: لا يصحُّ فيه شيءٌ ... ). قال: نقلته من (الجزء الثاني من منتقى أبي الحسن الدارقطني على ابن الفضل).
وهذا أيضًا إلى مضر لا يصحُّ، فيه: إبراهيم بن محمد بن خالد الحربي، لم نجدْهُ. وفي سياقته هذه مخالفة لسياقة المقدسي، سيأتي التنبيه عليها في حديث أم حبيبة رضي الله عنها.
وقال مغلطاي في (شرح ابن ماجه ١/ ٥٣٢): ((ولما سأله مضر بن محمد قال: ما صَحَّ فيه شيءٌ إلا حديث بُسْرةَ، وحديث بُسْرةَ فيه شيء)).
وقال أبو داود: ((قلتُ لأحمدَ: حديثُ بُسْرةَ ليس بصحيح في مَسِّ الذَّكرِ؟ قال: بلى هو صحيح؛ وذلك أن مَرْوانَ حدَّثهم، ثم جاءهم الرسولُ عنها بذلك)) (سؤالات أبي داود لأحمد ١٩٦٦).
وروى يعقوبُ بنُ سفيانَ عن أحمدَ أنه سُئِلَ عن حديثِ بُسْرةَ فقال: "هو صحيحٌ، وأنا أذهبُ إليه. قِيلَ له: على الاختيارِ أو على الوجوبِ؟ قال: على الاختيارِ" (شرح ابن ماجه لمغلطاي ١/ ٥٣١).