كتاب التعديل والتجريح , لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح (اسم الجزء: 1)
(بَاب فِي جَوَاز الْجرْح وَأَنه لَيْسَ من بَاب الْغَيْبَة الْمنْهِي عَنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ من الدّين)
قَالَ يحيى بن سعيد الْقطَّان سَأَلت مَالك بن أنس وسُفْيَان الثَّوْريّ وَشعْبَة وَابْن عُيَيْنَة عَن الرجل لَا يحفظ أَو يتهم فِي الحَدِيث فكلهم قَالَ لي بَين أمره بَين أمره مرَّتَيْنِ وعَلى هَذَا إِجْمَاع الْمُسلمين إِلَّا من لَا يعْتد بقوله فِي هَذَا الْبَاب وَذَلِكَ أَن الشَّاهِد يشْهد على الدِّينَار ويسير المَال فتعلم مِنْهُ الجرحة فَلَا يسع من علم ذَلِك إِلَّا أَن يجرحه بهَا ويزيل عَن الْمَشْهُود عَلَيْهِ ضَرَر شَهَادَته فَكيف الدّين الَّذِي هُوَ عماد الدُّنْيَا وَالْآخِرَة يَنْقُلهُ من تعلم جرحته فَلَا يبين أمره وَمِمَّا تدل على صِحَة هَذَا أَنا قد وجدنَا الْجرْح لنقلة الْأَخْبَار والبحث عَن أَحْوَالهم وَطعن الأيمة عَلَيْهِم فِي سَائِر أعصار الْمُسلمين من أهل الْعلم وَالدّين والورع وَلذَلِك رُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ يَا برد لَا تكذب عَليّ كَمَا كذب عِكْرِمَة على بن عَبَّاس وَرُوِيَ عَن مَالك وسُفْيَان الثَّوْريّ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ وَيُونُس بن عبيد وَشعْبَة بن الْحجَّاج مَعَ علمهمْ وورعهم وفضلهم تجريح نقلة الْأَخْبَار وَإِظْهَار أَحْوَالهم والتحفظ فِي الْأَخْذ مِنْهُم والإخبار عَنْهُم وَقَالَ قَالَ أَبُو بكر بن خَلاد قلت ليحيى بن سعيد أما تخشى أَن يكون هَؤُلَاءِ الَّذين تركت حَدِيثهمْ خصماءك عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ لِأَن يكون هَؤُلَاءِ خصمائي أحب إِلَيّ من أَن يكون خصمي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لم حدثت عني حَدِيثا ترى أَنه كذب وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي حَدثنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ كلمنا شُعْبَة أَنا وَعباد بن عباد وَجَرِير بن حَازِم فِي رجل يُرِيد أبان بن أبي عَيَّاش فَقُلْنَا لَو كَفَفْت عَنهُ فَكَأَنَّهُ لَان وأجابنا قَالَ فَذَهَبت يَوْمًا أُرِيد الْجَامِع فَإِذا شُعْبَة يُنَادي من خَلْفي فَقَالَ ذَاك الَّذِي قُلْتُمْ لَا أرَاهُ يسعني قَالَ عَفَّان كنت عِنْد إِسْمَاعِيل بن علية فَحدث رجل عَن رجل فَقَالَ لَا تحدث عَن هَذَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بثبت فَقَالَ اغْتَبْته فَقَالَ مَا اغتابه وَلكنه حكم عَلَيْهِ أَنه لَيْسَ بثبت وَقَالَ بن مهْدي مَرَرْت مَعَ سُفْيَان الثَّوْريّ بِرَجُل فَقَالَ كَذَّاب وَالله لَوْلَا أَنه لَا يحل لي أَن أسكت لسكت وَقَالَ أَبُو نعيم حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن بن عون قَالَ قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ إيَّاكُمْ والمغيرة بن سعيد وَأَبا عبد الرَّحْمَن فَإِنَّهُمَا كذابان وَإِنَّمَا يجوز للمجرح أَن يذكر المجرح بِمَا فِيهِ مِمَّا يرد حَدِيثه لما فِي ذَلِك من الذب عَن الحَدِيث وَكَذَلِكَ ذُو الْبِدْعَة يذكر ببدعته لِئَلَّا تغتر بِهِ النَّاس حفظا للشريعة وذبا عَنْهَا وَلَا يذكر غير ذَلِك من عيوبه لِأَنَّهُ من بَاب الْغَيْبَة قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ فِي صَاحب الْبِدْعَة يذكر ببدعته وَلَا يغتاب بِغَيْر ذَلِك يَعْنِي وَالله أعلم أَن يُورد مَا فِيهِ لَا على وَجه السب لَهُ أَو يُقَال فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ فَأَما أَن يذكر مَا فِيهِ مِمَّا يثلم دينه على وَجه التحذير مِنْهُ فَلَيْسَ من بَاب الْغَيْبَة وَالله أعلم
الصفحة 282
1439