المطلب الرابع
علاقة سُنَّةِ التَّرْكِ بالسُّنَّةِ التقريرية
قبل الشروع في بيان هذه العلاقة يحسن التمهيد لذلك بالكلام عن السُّنَّة التقريرية من حيث معناها وحجيتها. فأقول:
المقصود بتقريره - صلى الله عليه وسلم -: أن يفعل أحد الصحابة - رضي الله عنه - بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلًا أو يقول قولا فيمسك - صلى الله عليه وسلم - عن الإنكار ويسكت، أو يُضَمَّ إلى عدم الإنكار تحسينًا له، أو مدحًا عليه، أو ضحكًا منه على جهة السرور به (¬1).
ومن المثلة على ذلك: أكل الضَّبِّ على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) وكإقراره - صلى الله عليه وسلم - إنشاد الشعر المباح (¬3).
والأصل في حجية إقراره - صلى الله عليه وسلم - (¬4) هو أنه لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة، إذ سكوته يدل على جواز ذلك الفعل أو القول، بخلاف سكوت غيره، لذلك بَوَّبَ
¬_________
(¬1) انظر شرح مختصر الروضة وقواعد الأصول ص (39) وشرح الكوكب المنير (2/ 166).
(¬2) أخرجه لبخاري ص (1134) برقم (5391) ومسلم ص (1041) برقم (1946) وقد تقدم.
(¬3) انظر صحيح البخاري ص (99) برقم (453).
(¬4) انظر شرح الكوكب المنير (2/ 194 - 196).