كتاب الانتصار لأهل الأثر المطبوع باسم «نقض المنطق» (اسم الجزء: الكتاب)

والحديث في الصِّفات والقَدَر والإمامة والفضائل والشفاعة والحوض والصراط والميزان، وله من الرُّدود على المعتزلة والقدرية والرافضة والجهمية وبيان تناقضهم= ما أوجب أن يمتاز بذلك عن أولئك ويُعْرَفَ له حقُّه وقَدْرُه, فقد جعل الله لكلِّ شيءٍ قدرًا, وبما وافق فيه السُّنة والحديث صار له من القبول والأتباع ما صار (¬١).
لكن الموافقة التي فيها قهرُ المخالف وإظهارُ فساد قوله هي من جنس المجاهد المنتصر, فالرادُّ على أهل البدع مجاهدٌ، حتى كان يحيى بن يحيى (¬٢) يقول: «الذبُّ عن السُّنة أفضلُ من الجهاد» (¬٣).
والمجاهدُ قد يكون عدلًا في سياسته وقد لا يكون، وقد يكون فيه فُجور، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يؤيِّد هذا الدينَ بالرجل الفاجر وبأقوامٍ لا خَلاق لهم» (¬٤) , ولهذا مضت السُّنة بأن يُغْزَى مع كلِّ أميرٍ برًّا كان أو
---------------
(¬١). انظر: «شرح الأصبهانية» (٣٧٤ - ٣٧٨, ٣٨٤) , و «التسعينية» (١٠٣٤) , و «مجموع الفتاوى» (٣/ ٢٢٨, ٥/ ٥٥٦, ١٢/ ٢٠٤).
(¬٢). التميمي النيسابوري, الإمام عالم خراسان (ت: ٢٢٦). «السير» (١٠/ ٥١٢).
(¬٣). أخرجه أبو إسماعيل الأنصاري الهروي في «ذم الكلام» (١٠٨٩).
(¬٤). هما حديثان, أخرج الأول البخاري (٣٠٦٢) ومسلم (١١١) , وأخرج الثاني النسائي في «الكبرى» (٨٨٨٥) وصححه ابن حبان (٤٥١٧) والعراقي في «المغني عن حمل الأسفار» (١/ ٣٣, ٢/ ٩٣٧).

الصفحة 21