كتاب الانتصار لأهل الأثر المطبوع باسم «نقض المنطق» (اسم الجزء: الكتاب)

جَارٌ لَكُمْ} [الأنفال: ٤٨].
والشيطانُ وسواسٌ خناسٌ إذا ذكر العبدُ ربَّه خَنَسَ، فإذا غَفَل عن ذكره وَسْوَس، فلهذا كان [تركُ] (¬١) ذكر الله سببًا ومبدأً لنزول الاعتقاد الباطل والإرادة الفاسدة في القلب.
ومِن ذكر الله تعالى تلاوةُ كتابه وفهمُه ومذاكرةُ العلم، كما قال معاذ بن جبل: «ومذاكرته تسبيح» (¬٢).
وقد تنازع أهلُ الكلام في حصول العلم في القلب عقبَ النظر في الدليل (¬٣) , فقال بعضهم: ذلك على سبيل التولُّد، وقال المنكرون للتولُّد: بل ذلك بفعل الله تعالى, والنظرُ إما متضمِّنٌ للعلم وإما موجبٌ له, وهذا ينصره المنتسبون للسنة من المتكلمين ومن وافقهم من الفقهاء من أصحاب مالك والشافعيِّ وأحمد وغيرهم، وقالت المتفلسفة: بل ذلك يحصُل بطريق
---------------
(¬١) كتب الناسخ في الطرة: «لعله سقط: ترك». فعلق أحدهم على كلامه: «الظاهر عدم السقط, والكلام فيما يظهر لي مستقيم بدون لفظة ترك, والمراد أن ذكر الله سبب لخنوس الخناس». والأليق بسياق الكلام إثبات لفظ الترك.
(¬٢) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (١/ ٢٣٨) , وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (١/ ٢٤٠) بإسنادٍ شديد الضعف. وقال المصنف فيما يأتي (ص: ١٦٠): «هو محفوظٌ عن معاذ». ويروى مرفوعًا, ولا يصح, وحسبه أن يثبت إلى معاذ. انظر: «مفتاح دار السعادة» (١/ ٣٣٧) وتعليقي عليه.
(¬٣) انظر: «المغني» لعبد الجبار (٨/ ٧٧) , و «التلخيص في أصول الفقه» للجويني (١/ ١٢٥) , و «المستصفى» (١/ ١٦٨) , و «البحر المحيط» (١/ ٦٧) , و «الرد على المنطقيين» (٣٤٢, ٥٠٧) , و «مجموع الفتاوى» (١٧/ ٥٣٠).

الصفحة 52