كتاب إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد

الله أَو حَدِيثا نبويا لتأولتموها وأرجعتموها ناكصين على أعقابكم إِلَى قَول إمامكم وَكَذَلِكَ قبولنا إِقْرَار من أقرّ على نَفسه بِشَيْء وَحكما بِهِ عَلَيْهِ لَا يُسمى تقليدا بل اتبَاعا لقَوْل الله تَعَالَى {بل الْإِنْسَان على نَفسه بَصِيرَة} الْقِيَامَة 14 وَإِجْمَاع الْأمة وَعَمله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قبُول إِقْرَار مَاعِز والغامدية ورجمهما بإقرارهما وَلَا يَقُول اُحْدُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلدهما الْحَادِي عشر من أدلتهم قَالُوا قد جعل الله فِي فطر الْعباد تَقْلِيد المتعلمين للْعَالمين والأستاذين فِي الْعُلُوم والصنائع وَلَا تقوم مصَالح الْخلق إِلَّا بِهَذَا وَذَاكَ عَام فِي كل علم وصناعة وَقد فاوت الله بَين الأذهان كَمَا فاوت بَين القوى فِي الْأَبدَان فَلَا يحسن فِي حكمته وعدله وَرَحمته أَن يفْرض على جَمِيع خلقه معرفَة الْحق بدليله وَالْجَوَاب أَن هَذَا حق لَا يُنكر وَلَا يُنكر أَخذ الْعلم عَن الْعلمَاء وينكر أَخذه من الصُّحُف والقراطيس بِغَيْر تعلم وَلَكنَّا نقتدي بالعالم ونهتدي بتعليمه ونستعين بفهمه ونستضيء بأنوار علومه وَفرق بَين تَقْلِيد الْعَالم فِي جَمِيع مَا قَالَه وَبَين الِاسْتِعَانَة بفهمه وَهُوَ الثَّانِي بِمَنْزِلَة الدَّلِيل فِي الطَّرِيق والخريت الماهر لِابْنِ السَّبِيل فَهُوَ دَلِيل إِلَى دَلِيل فَإِذا وصل إِلَيْهِ اسْتغنى بدلالته عَن الِاسْتِدْلَال بِغَيْرِهِ وَنَظِيره من اسْتدلَّ بِالنَّجْمِ على الْقبْلَة فَإِذا شَاهد الْقبْلَة لم يبْق لاستدلاله بِالنَّجْمِ معنى

الصفحة 181