كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 19)

زمان يمكن فيه الاندمال- أن القول قول الجاني على الظاهر، فلم جعل هاهنا القول قول الولي حتى يحلف عليه؟
وأجيب عن الأول: بأن دعوى البرء من الجراحة تقتضي الاعتراف بالجراحة في نفسها، لا الاعتراف بجراحة نفسه، ويجوز أن يريد أن الجراحة التي نسبت إليه قد برأ منها، ثم مات، ويكون غرضه إبطال اللوث.
وعن الثاني بوجوه:
أحدها: ويحكى عن أبي إسحاق-: أن المسألة مفروضة فيما إذا كان للمدعي بينة على أنه لم يزل ضمنًا متألمًا حتى مات، أو اعترف المدعى عليه بلك، لكن ادعى أنه مات بسبب محدث، فيحلف المدعي، ويصدق، لأن الظاهر معه.
الثاني- وهو الظاهر من مذهب ابن أبي هريرة-: أن محل جعلنا القول قول الجاني في الاندمال في غير القسامة، أما في القسامة، فالقول قول المدعي، لأن القسامة لما خالفت غيرها في قبول قول المدعي في القتل، خالفته في قبول قوله في سراية الجرح، وهذا ما حكى الإمام عن العراقيين القطع به، وقال: إنه هوس، فإن الجرح متفق عليه، وليس المدعي يدعي غيره، ويدعي إفضاء الجرح إلى الموت، وقصر الزمان وطوله لا يختلف بقيام اللوث وعدمه.
الثالث: أن المسألة مفروضة فيما إذا اختلفا في أنه هل مضت مدة يمكن فيها الاندمال، أم لا؟ وحينئذ فالقول قول الولي، لأن الأصل أنها لم تمض.
ويستحب للقاضي أن يحذر المدعي إذا أراد أن يحلف، ويعظه، ويقول له: اتق الله، ولا تحلف إلا عن تحقيق، ويقرأ عليه: {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية [آل عمران:77].
والقول في التغليظ في اليمين بالمكان والزمان واللفظ، يأتي في الباب.
فرع: هل يشترط أن تكون الأيمان متوالية، كما في اشتراط الموالاة في كلمات اللعان؟ فيه وجهان للقاضي الحسين، وأظهرهما- وهو الذي أورده أكثرهم-: أنها لا تشترط، لأن الأيمان من جنس الحجج، والتفريق في الحجج لا يقدح، كما إذا شهد الشهود متفرقين، وعلى هذا فلو حلفه القاضي الخمسين في خمسين يومًا، جاز.
وعن ((الأم)): أنه [لو] حلف بعض الأيمان، ثم استنظر القاضي، أنظره، وإذا

الصفحة 11