كتاب رسالة في الكلام على أحكام خبر الواحد وشرائطه - ضمن «آثار المعلمي»

الباب الأول
في بعض ما يتعلق بخبر الواحد
وفيه فصول:

الفصل الأول
في وجوب العمل بخبر الواحد
هذا أمر مشروح في كتب أهل العلم، وإنما أنبه فيه على ما لم أقف عليه في كتبهم ابتداء، أو رأيتُه غير مستوفًى.
فأقول: أمر الله تبارك وتعالى بطاعة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، والتحذير من معصيته في عدة آيات من كتابه:
منها قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠]. ولا مخالفَ في ذلك من الأمة، والعرب لا تفرِّق في إطلاق الطاعة والمعصية بين أن يَثبُتَ الأمر عند المأمور يقينًا وأن يثبت ظنًّا، بل كما يقولون لمن واجهه أبوه بالأمر فامتثل: إنه أطاع أباه، وإن لم يمتثل: إنه قد عصى أباه؛ فكذلك يقولون لمن بلغه من وجهٍ يُوثَق به أن أباه أمره، كمن أخبره رجل ثقة عن أبيه، أو ثقة عن ثقة عن أبيه.
وهذا أمر لا يجهله من يعرف لسان العرب، بل والأمر كذلك في سائر الألسنة.
فإذا ثبت هذا ثبت وجوبُ العملِ بخبر الواحد المفيد للظن، وأن من بلغه من وجهٍ يفيد الظن، إن امتثل فقد أطاع، وإلا فقد عصى.

الصفحة 124