كتاب رسالة في الكلام على أحكام خبر الواحد وشرائطه - ضمن «آثار المعلمي»

كذلك فليس بلازم، سألناه عمَّا لم يثبت قطعًا: أمقطوعٌ عنده بكذبٍ كلُّ ما رُوِي من ذلك؟
فإن قال: نعم، كابر.
وإن قال: لا، بل منه ما هو صحيح في نفس الأمر.
قلنا: فما كان منه صحيحًا في نفس الأمر، هل كان من الشريعة في حق الصحابة الذين ثبت عندهم قطعًا لسماعهم من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مواجهةً، وفي حق من تواتر عنده من التابعين، أو قَطَعَ بصحته لقرائنَ اقترنت بالخبر عنده؟
فإن قال: لا، كابر.
وإن قال: نعم.
قلنا: فهذه الأمور التي كانت من الشريعة لو لم تبقَ الآن من الشريعة لكانت الشريعة الآن ناقصة، ولكانت الحجة مفقودة في كثير من الأحكام التي يحتاج إليها الناس، وذلك خلاف وعد الله تبارك وتعالى، وخلاف حكمته في ختم النبوة , وغير ذلك.
فإن قال: فما تقولون أنتم في الأحاديث الضعيفة؟
قلنا: ما كان ضعيفًا اتفاقًا وانفرد بأمر ليس عليه دليلٌ آخر تقوم به الحجة فذاك الضعيف باطلٌ قطعًا، وأحسن أحواله أن يكون: كان شيءٌ فَنُسِخَ؛ لأن ما تكفَّلَ به الرب عز وجل من حفظ الشريعة إنما يحصل المقصود منه بحفظ أحكامها حفظًا تقوم به الحجة، والضعيف لا تقوم به الحجة. وقد أوضحتُ هذا في رسالة "الكلام في العمل بالضعيف" (¬١)، فليُطلَب تمامُه من هناك.
---------------
(¬١) ضمن "مجموع الرسائل الحديثية" (ص ١٥١ - ٢١٣).

الصفحة 127