كتاب رسالة في الكلام على أحكام خبر الواحد وشرائطه - ضمن «آثار المعلمي»
حمل الآية على أن المراد الفسقُ في نفس الأمر بحسب ما يظهر لنا. وقد دلَّت الآية بفحواها على ذلك، لأن المعقول منها أن المدار على كون الخبر موثوقًا به يغلب صدقه.
ونحن نعلم أن من عُلم فسقه ولم تظهر توبته لا يحصل الوثوق بخبره، ولا يغلب صدقه، وأن من صحبناه وخَبَرْناه فلم نطلع منه إلا على الصدق وأعمال الخير والصلاح فإنه يحصل الوثوق بخبره، ويكون الغالب على الظن صدقُه. وكذلك من لم نَخْبُره نحن، ولكن أخبرنا من خَبَرْناه أنه قد خَبَرَه فلم يرَ منه إلا الخير، وهكذا وإن تعددت الوسائط على هذا الشرط.
ويبقى النظر فيمن لا خَبَرْناه ولا أُخبِرْنا عنه، فاعلم أن لمن بلغه خبرُ مثلِ هذا حالين:
الأولى: أن يمكنه البحثُ والسؤال عن حال ذلك المخبر، فيلزمه ذلك، ويتوقف في الحكم حتي يبحث؛ لأنه إذا وجب التبيُّن في خبر من عُلِم فسقه فهذا أولى. ولا يعمل بخبره لأنه مشكوك، ولا يحصل الوثوق بخبره.
الحال الثانية: أن لا يمكن البحث ولا السؤال.
[ص ١٤] فقد يقال: إن مفهوم الآية أنه يُشترط للقبول أن يكون المخبر غير فاسق في نفس الأمر. وقدّمنا أن المراد أن يكون كذلك فيما ظهر لنا بالخبرة أو إخبار الثقة، وهذا مفقود هنا. ويؤكِّده أن المدار كما مرَّ على الوثوق، وهذا لا يحصل به وثوق.
وقد يُدفَع هذا بأن حصْر الدلالة على عدم الفسق في نفس الأمر في الخبرة أو إخبار الثقة غير مسلَّم. لماذا لا يُكتفَى بالأصل والظاهر؟
الصفحة 157
363