كتاب إرشاد العامه إلى معرفة الكذب وأحكامه - ضمن «آثار المعلمي»

وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ}.
ثم ذكر القمر والشمس {فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ} [الأنعام: ٧٥ - ٨٠]. فكان يُحاجُّ قومه بما هداه الله إليه بنظره.
فإن قيل: لو كانت تلك الثلاث قبل النبوة لَذكر معها قوله: «هذا ربي»، فإن هذا أشد.
قلت: قد ذكر في بعض الروايات (¬١)، لكن قيل: إنه خطأ من الراوي (¬٢). وعلى هذا فقد يقال: إنما لم تذكر تلك الكلمة؛ لأنها كانت في الطفولة، كما قاله بعض أهل العلم (¬٣)، وتلك الثلاث كانت بعد البلوغ.
وفي هذا نظر؛ فإن قول النبي (- صلى الله عليه وآله وسلم -): «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات» يعم الطفولة.
وقد يقال: إنما لم يذكرها لأن إبراهيم لم يرد بها الإخبار، وإنما أراد الاستفهام الإنكاري.
وهذا القول حكاه ابن جرير (¬٤) عن بعض أهل النظر، وردَّه، وروى عن
---------------
(¬١) «صحيح مسلم» (١٩٤/ ٣٢٨).
(¬٢) انظر «فتح الباري» (٦/ ٣٩١).
(¬٣) انظر «تفسير القرطبي» (١٤/ ٢٢٣، ٨/ ٤٣٨) ط. التركي.
(¬٤) «تفسيره» (٩/ ٣٥٩).

الصفحة 248