كتاب إرشاد العامه إلى معرفة الكذب وأحكامه - ضمن «آثار المعلمي»

وفي «صحيح مسلم» (¬١) في أحاديث البكاء على الميت: «فقالت عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب، ولكنه نسي أو أخطأ».
وفي رواية (¬٢): «قالت: إنكم لتحدثون عن غير كاذبين ولا مكذَّبين، ولكن السمع يخطئ».
وقولهم: «كذب فلان»، المتبادر منه أنه تعمد، أو أخطأ خطأً حقُّه أن يلام عليه.
ومن ذلك حديث: «كذب أبو السنابل» (¬٣)، وقول عبادة: «كذب أبو محمد» (¬٤)، وقول ابن عباس: «كذب نوف» (¬٥)، وما أشبه ذلك.
والكذب لغة: هو مخالفة الخبر ــ أي ظاهره الذي لم تُنصَبْ قرينة على خلافه ــ للواقع مطلقًا. لكن لشدة قبح الكذب، وأن العمد أغلب من الخطأ، كان قولنا: «كذب فلان» مشعرًا بذمه، فاقتضى ذلك أن لا يؤتى بذلك حيث ينبغي التحرز عن الإشعار بالذم. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
هذا، ولم يرد إبراهيم عليه السلام بقوله: «هذا ربي» رب العالمين، وإنما بنى على ما كان يقوله قومه في الكواكب، وهو أن أرواح الملائكة
---------------
(¬١) رقم (٩٣٢/ ٢٧).
(¬٢) رقم (٩٢٩/ ٢٢).
(¬٣) سبق تخريجه.
(¬٤) أخرجه مالك في «الموطأ» (١/ ١٢٣) ومن طريقه أبو داود (١٤٢٠) والنسائي (١/ ٢٣٠).
(¬٥) أخرجه البخاري (١٢٢، ٣٤٠١) ومسلم (٢٣٨٠).

الصفحة 250