كتاب إرشاد العامه إلى معرفة الكذب وأحكامه - ضمن «آثار المعلمي»
فالمعنى أن كل واحدة من هذه الخصال تنافي كمال الإيمان، فكثرة الطعن في أعراض الناس تنافي كمال إيمان الطعان. وقِسْ على ذلك.
وكحديث: «ليس المسكين الذي يطوف على الناس، تردُّه اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنًى يُغنيه، ولا يُفطَن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس» (¬١). فطواف الفقير على الناس من شأنه أن يحصل به ما يُعيشه، وذلك منافٍ لكمال المسكنة.
وكحديث: «ليس المؤمن بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه» (¬٢).
الوجه الثاني: أن يقصد به أن حصول مدلول خبر «ليس» لا يحصل به مدلول اسمها على الكمال.
كحديث: «ليس الغنى عن كثرة العَرَض، ولكن الغنى غنى النفس» (¬٣). فالمعنى [ص ٦٨] أن كثرة العرض لا يحصل بها الغنى الكامل.
وكحديث: «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب» (¬٤).
فأما حديث: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعَت رحِمُه وصَلَها» (¬٥)، فيحتمل الوجهين، فإن أريد بالمكافئ من يكافئ على
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (١٤٧٦، ٤٥٣٩) ومسلم (١٠٣٩) من حديث أبي هريرة.
(¬٢) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (١١٢) وأبو يعلى (٢٦٩٩) والحاكم في «المستدرك» (٤/ ١٦٧) من حديث ابن عباس.
(¬٣) أخرجه البخاري (٦٤٤٦) ومسلم (١٠٥١) من حديث أبي هريرة.
(¬٤) أخرجه البخاري (٦١١٤) ومسلم (٢٦٠٩) من حديث أبي هريرة.
(¬٥) أخرجه البخاري (٥٩٩١) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.