كتاب إرشاد العامه إلى معرفة الكذب وأحكامه - ضمن «آثار المعلمي»

بإضاعة المال، والدين يكره ذلك.
وقد يُقال: القوم هم المقصِّرون؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم ينههم عن التأبير، ولم يخبرهم بأن تركه لا يضر، وإنّما أخبرهم بأنّه يظن، ومعلوم عندهم أنّه - صلى الله عليه وآله وسلم - عاش بمكة، ولا نخل بها، وأنّه لو بنى على أمرٍ ديني لجزم، ولَما اكتفى بالإخبار بالظن، فيثبت من ذلك أنّه إنّما استند إلى أمرٍ عادي، فكان عليهم أن يقولوا له: إنّه معروف عندنا بالتجربة أنّ النّخلة إذا لم تؤبَّر يخرج ثمرها شِيصًا، قد جرَّبنا هذا مرارًا لا تحصى، ثم ينظرون ما يقول لهم.
وفي «صحيح مسلم» (¬١) عن جُدامة (¬٢) بنت وهب قالت: حضرت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في أناس، وهو يقول: «لقد هممتُ أن أنهى عن الغيلة، فنظرت في الروم وفارس، فإذا هم يغيلون أولادهم فلا يضرُّ أولادَهم ذلك شيئًا .. ». الحديث.
وفيه (¬٣) عن سعد بن أبي وقاص أنّ رجلًا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: إنّي أَعزِل عن امرأتي. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: لِمَ تفعل ذلك؟ فقال الرجل: أُشفِق على ولدها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لو كان ذلك ضارًّا ضرَّ فارس والروم».
وفي «مسند أحمد» و «سنن أبي داود» (¬٤) عن أسماء بنت يزيد قالت:
---------------
(¬١) رقم (١٤٤٢).
(¬٢) قال مسلم في «صحيحه» (٢/ ١٠٦٦): «أما خلف فقال: عن جذامة الأسدية، والصحيح ما قاله يحيى بالدال».
(¬٣) رقم (١٤٤٣) عن أسامة بن زيد أنه أخبر سعد بن أبي وقاص.
(¬٤) أحمد (٢٧٥٦٢) وأبو داود (٣٨٨١). وإسناده ضعيف.

الصفحة 283