كتاب رسالة في فرضية اتباع السنة، والكلام على تقسيم الأخبار وحجية أخبار الآحاد - ضمن «آثار المعلمي»

الرابعة: إذا وجد دليل يناقض ذلك الخبر وذلك الإجماع، هل يجوز لأحد أن يذهب إلى ذلك الدليل؟
أقول: أما إذا كان الدليل المناقض محتملًا أن يكون منسوخًا بذلك الخبر، فلا يجوز. بل المتعين القول بذلك، إذ القول بعكسه في غاية البعد؛ إذ يلزم منه اتفاق الأمة على التمسك بالمنسوخ وإهمال الناسخ.
فإن قيل: اتفاق الأمة لم يسلم؛ لأن الفرض أن الحكم إنما نقل عن جماعة.
قلت: الظاهر أنه لو كان هناك مخالف لأظهر قوله وإنكاره لهذا المنكر، وهو التمسك بالمنسوخ واطّراح الناسخ، وإلا كانت الأمة مجمعة على الضلال، بعضها بالتمسك بالمنسوخ واطراح الناسخ، وباقيها بالسكوت على هذا المنكر، والساكت على المنكر مع علمه به وإمكان أن ينكر شريك فيه، فكأنها أجمعت على ضلالة واحدة.
فإن قيل: لعل بعض من لم ينقل قوله لم يطلع على تمسك الجماعة بالمنسوخ، ولعل بعضهم اطلع ومنعه مانع من الإنكار، ولعل بعضهم اطلع وأنكر ولم يُنقل إنكاره، ولعل بعضهم اطلع وأنكر ونُقِل إنكاره ولكن لم يبلغنا، بأن يكون في بعض الكتب التي لم نقف عليها.
قلت: هذا كله بعيد إذا بحث واسعُ الاطلاع منا فلم يجد، ويتأكد ذلك إذا كان قد نص إمام مطلع ممن قبلنا على الإجماع.
وبعد، فهَبْ أن ما ذكرناه لا يكفي للدلالة على كون الخبر الموافق للإجماع ناسخًا للدليل الآخر، فهل هناك إلا مخرج واحد وهو الأخذ

الصفحة 37