كتاب رسالة في فرضية اتباع السنة، والكلام على تقسيم الأخبار وحجية أخبار الآحاد - ضمن «آثار المعلمي»

فأما قوله تعالى: {وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} [المرسلات: ٣١]، وقوله: {وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} [الغاشية: ٧] فسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى.
الثاني: كلمة "عن" ومجرورها ثابتة في أكثر الآيات، وتُرِكت في بعضها، والذي يترجح تقديرها؛ لتجري الآيات على وتيرة واحدة.
ففي قوله تعالى: {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} أي عنهم، أي الكفار المتقدم ذكرهم قبلُ، أو {عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} كما في الآية الأخرى، أو "عن المكذبين المتبعين أهواءهم"؛ لأن قبلها {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}.
وإذا قلنا بتقديره في {وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} فتقديره: "عن المستظل به".
وفي {وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ} يقدر: "عن آكله".
الثالث: اضطربت الأقاويل في كلمة "من" التي تجيء في هذا التركيب في نحو قوله تعالى: {لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [الجاثية: ١٩].
والذي يترجح حملها على ما بينته آية "المؤمن": {فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ}. فيقال في {لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}: إن تقدير المعنى: "لن يغنوا عنك شيئًا من أمر الله"، وفي آيتي "يوسف": "شيئًا من قضاء الله"، وفي آية "التحريم": "شيئًا من عذاب الله" وكذلك في آية "آل عمران".
وعلى هذا فالظاهر أن يقدر في آيتي "المرسلات" و "الغاشية": "شيئًا" أي: ولا يُغني عن المستظلِّ به شيئًا من اللهب، ولا يُغني عن آكله شيئًا من

الصفحة 98