كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 19)

فأخرجها منه إلى حرزها، فتلفت، فلا ضمان عليه. بغير خلاف أيضًا؛ لأن نقلها في هذه الحال تعين حفظا لها، وهو مأمور بحفظها.
وإن تركها مع الخوف فتلفت، ضمنها، سواء تلفت بالأمر المخوف أو بغيره؛ لأنه فرط في حفظها؛ لأن حفظها نقلها، وتركها تضييع لها. وإن لم يخف عليها فنقلها عن الحرز إلى دونه، ضمنها؛ لأنه خالفه في الحفظ المأمور به. وإن نقلها إلى دونه عند الخوف عليها، نظرنا؛ فإن أمكنه إحرازها بمثله، أو أعلى منه، ضمنها أيضًا؛ لتفريطه، وإن لم يمكنه إحرازها إلا بما دونه، لم يضمنها؛ لأن إحرازها بذلك أحفظ لها من تركه، وليس في وسعه سواه" (¬١).
الحال الثانية:
[م - ١٩١٣] أن يعين له مكانًا فيحفظها في أحرز منه، ففي ضمانها قولان:
القول الأول:
لا يضمن، وهو مذهب الأئمة الأربعة؛ لأن من رضي حرزًا رضي بما هو أحرز منه، ولأنه بفعله هذا قد زاده، ولم ينقصه (¬٢).
واستثنى المالكية من عدم الضمان إذا حفظها بما هو أحرز منه، فتلفت بالوجه الذي قصد الاحتراز من أجله، فلو قال المودِع بكسر الدال للمودَع بفتحها: اجعل الوديعة في كمك، فجعلها في يده فضاعت، أو أخذها منه غاصب، فإنه لا ضمان عليه؛ لأن اليد أحفظ من الكم، إلا أن يكون أراد
---------------
(¬١) المغني (٦/ ٣٠٣).
(¬٢) الأم (٤/ ١٣٦)، المهذب (١/ ٣٥٩)، البيان للعمراني (٦/ ٤٧٩)، الإنصاف (٦/ ٣١٨)، المغني (٦/ ٣٠١)، الكافي لابن قدامة (٢/ ٣٧٤ - ٣٧٥).

الصفحة 135