كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 19)

ثمرة الخلاف بين القولين:
أنكر إمام الحرمين أن يكون للخلاف أي أثر فقهي، فقال في نهاية المطلب: "وتردد فقهاؤنا في تسميته عقدًا -يعني الإيداع- وهذا الاختلاف سببه أن القبول ليس شرطا من المودع وفاقا ... وليس للاختلاف في أن الإيداع عقد فائدة فقهية" (¬١).
وخالفه غيره، فقالوا: تظهر ثمرة الخلاف في مسائل منها:
أحدها: إذا أودع ماله عند سفيه وصبي وعبد فتلف، فهل يضمن؟
قولان: إن قلنا عقد لم يضمنه هؤلاء ولم يتعلق برقبة العبد لنقصان الأهلية.
وإن قلنا: إذن ضمنوه.
الثاني: نتاج البهيمة المودعة، إن قلنا: الوديعة عقد فالولد وديعة كالأم، وإلا فليس بوديعة، بل أمانة شرعية في يده يجب ردها في الحال حتى لو لم يؤد مع التمكن ضمن على الأصح.
الثالث: المودع إذا عزل نفسه، هل ينفسخ العقد؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأنه عقد جائز، فيبقى المال في يده أمانة شرعية كالثوب إذا طرحته الريح إلى داره، ويلزمه الرد وإن لم يطلب منه، فإن أخر بلا عذر ضمن (¬٢).
---------------
(¬١) نهاية المطلب (١١/ ٣٧٥).
(¬٢) وذهب بعض الفقهاء إلى أن الوديعة لا تنفسخ بالقول، وإنما تفسخ بالرد إلى صاحبها، وسوف نتكلم على هذه المسألة في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى.

الصفحة 29