كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 19)

القسم الثاني: أمين بلا عقد، كتصرفات الملتقط في اللقطة، وتصرفات الأب والجد في مال ولده الصغير والمجنون.
الثمرة من كون الوديعة من عقود الأمانات أمران:
الأول: أن الودائع لا تودع إلا عند من هو معروف بالأمانة، فغير الثقة ليس أهلًا أن يكون محلًا لإيداع الأمانات فقد يخون فيما ائتمن فيه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: ٢٧].
وقال تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة: ٢٨٣].
{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: ٧٥].
جاء في فيض القدير: "وحفظ الأمانة أثر كمال الإيمان، فإذا نقص الإيمان نقصت الأمانة في الناس، وإذا زاد زادت" (¬١).
الثاني: أن الأمانات لا تضمن عند التلف إلا بالتعدي والتقصير، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء في الجملة كما سيأتي بحثه إن شاء الله تعالى.
وقد قسم الفقهاء المال في اليد إلى قسمين: يد أمانة، ويد ضمان.
والمراد باليد: هو حيازة الشيء فإذا حاز الإنسان مالًا كان تحت يده.
ويد الأمانة: هي اليد التي حصل المال في حوزتها بإذن من الشارع، كمال السفيه في يد الولي، أو بإذن من المالك، كيد الوديع، والوكيل،
---------------
(¬١) فيض القدير (١/ ٢٢٣).

الصفحة 32