كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 19)

القول الثاني:
فصل الشافعية الحكم في قبول الوديعة إلى أربعة أحوال:
الأول: يستحب قبول الوديعة لمن قدر على حفظها، ووثق بأمانة نفسه، وهذا يتفق مع مذهب الحنابلة.
الثاني: يجب عليه قبول الوديعة إذا لم يكن هناك غيره يصلح لذلك، وخاف إن لم يقبل أن يهلك المال.
قال الشيرازي: "يستحب لمن قدر على حفظ الوديعة وأداء الأمانة فيها أن يقبلها؛ لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢] ... فإن لم يكن من يصلح لذلك غيره، وخاف إن لم يقبل أن تهلك تعين عليه قبولها؛ لأن حرمة المال كحرمة النفس" (¬١).
الثالث: إذا كان واثقًا من أمانته إلا أنه عاجز عن حفظها فإنه يحرم عليه القبول؛ لأنه يعرض الوديعة للتلف.
قال ابن الرفعة: ومحله إذا لم يعلم المالك بحاله، وإلا فلا تحريم.
وتعقبه الزركشي قائلًا: وفيه نظر، والأوجه تحريمه عليهما، أما على المالك فلإضاعته ماله، وأما على المودَع فلإعانته على ذلك، وعلم المالك بعجزه لا يبيح له القبول، ومع ذلك فالإيداع صحيح، وأثر التحريم مقصور على الإثم (¬٢).
---------------
(¬١) المهذب (١/ ٣٥٨)، وانظر أسنى المطالب (٣/ ٧٤).
(¬٢) أسنى المطالب (٣/ ٧٤ - ٧٥).

الصفحة 56