كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 19)

وجاء في مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الحنابلة: "ينعقد الإيداع بإيجاب وقبول بلفظ الإيداع، وكل قول دل على الاستنابة في الحفظ، كقوله: احفظ هذا، أو أمنتك على هذا، ونحو ذلك".
وجاء في الإقناع: "ويكفي القبض قبولًا للوديعة كالوكالة" (¬١).
° وجه هذا القول:
أن الرضا شرط في صحة جميع التصرفات:
ففي البيع، قال تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩].
وفي التبرع قال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: ٤].
والرضا عمل قلبي لا يعلمه إلا الله، فهو أمر خفي فلا بد من لفظ يدل عليه، ويناط به الحكم، سواء كان مما يستقل به الإنسان كالطلاق، والعتاق، والعفو والإبراء، أو غيره مما لا يستقل به وحده كالبيع، والإجارة، والنكاح والوديعة، وإذا كان الشأن كذلك فلا بد للإيجاب من لفظ يدل على قصد الإيداع من المالك.
ولأن دفع المال إلى المودع بدون إيجاب لفظي لا يدل على الإيداع؛ لكونه يحتمل وجوهًا مختلفة، فقد يراد به القرض، وقد يراد به الهبة، وقد يراد به الوديعة فكان لا بد من لفظ صريح أو كناية يدل على الإيداع.
أما القبول فهو يأتي عطفًا على الإيجاب ومكملًا له وفرعًا عنه، فلا يشترط اللفظ له، فإذا دل لفظ الإيجاب على الإيداع، كان القبض من المودَع قبولًا دالًا على الإيداع وحده من غير التباس.
---------------
(¬١) كشاف القناع (٤/ ١٦٧).

الصفحة 67