- وفي رواية: «عن مسروق، قال: جاء إلى عبد الله رجل، فقال: تركت في المسجد رجلا يفسر القرآن برأيه، يفسر هذه الآية: {يوم تأتي السماء بدخان مبين}، قال: يأتي الناس يوم القيامة دخان، فيأخذ بأنفاسهم، حتى يأخذهم منه كهيئة الزكام؟ فقال عبد الله: من علم علما فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم، فإن من فقه الرجل أن يقول لما لا علم له به: الله أعلم، إنما كان هذا؛ أن قريشا لما استعصت على النبي صَلى الله عَليه وسَلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد، حتى جعل الرجل ينظر إلى السماء، فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان، من الجهد، وحتى أكلوا العظام، فأتى النبي صَلى الله عَليه وسَلم رجل، فقال: يا رسول الله، استغفر الله لمضر، فإنهم قد هلكوا، فقال: لمضر؟ إنك لجريء، قال: فدعا الله لهم، فأنزل الله، عز وجل: {إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون}، قال: فمطروا، فلما أصابتهم الرفاهية، قال: عادوا إلى ما كانوا عليه، قال: فأنزل الله، عز وجل: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين. يغشى الناس هذا عذاب أليم} {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون}، قال: يعني يوم بدر» (¬١).
- وفي رواية: «عن مسروق، قال: دخلنا على عبد الله بن مسعود، قال: يا أيها الناس، من علم شيئًا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم، قال الله، عز وجل، لنبيه صَلى الله عَليه وسَلم: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}، وسأحدثكم عن الدخان؛ إن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم دعا قريشا إلى الإسلام، فأبطؤوا عليه، فقال: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف، فأخذتهم سنة، فحصت كل شيء، حتى أكلوا الميتة والجلود،
⦗٦٠⦘
حتى جعل الرجل يرى بينه وبين السماء دخانا من الجوع، قال الله، عز وجل: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين. يغشى الناس هذا عذاب أليم} قال: فدعوا: {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون. أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين. ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون. إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون}، أفيكشف العذاب يوم القيامة؟ قال: فكشف، ثم عادوا في كفرهم، فأخذهم الله يوم بدر، قال الله، تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون}» (¬٢).
---------------
(¬١) اللفظ لمسلم (٧١٦٩).
(¬٢) اللفظ للبخاري (٤٨٠٩).