كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 19)
باب [بيان] (¬1) حظر القطيعة في التحاسد (¬2)، والتباغض (¬3)،
¬_________
(¬1) زيادة من (ك).
(¬2) الحسد: هو تمني زوال النعمة من الغير، وهو مركوز في طباع البشر، وهو من صفات اليهود، قال عَزَّ وَجَلَّ {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ...} [النساء: 54] وهو محرم بالإجماع.
الصحاح للجوهري (2/ 465)، جامع العلوم والحكم (2/ 260)، الفتح (10/ 498).
(¬3) البغض: ضد الحب، وحقيقة التباغض: أن يقع بين اثنين، وقد يطلق إذا كان من أحدهما، وهو على نوعين:
الأول: بغض في الله أي من أجل الله عَزَّ وَجَلَّ، وهذا خاص في أعداء الله، والمتعدين على حدود الله، المنتهكين حرماته، فهذا النوع من أوثق عرى الإيمان التي جاء الشرع بالحث عليها، والتمسك بها، وبها تظهر عزة هذا الدين، قال ابن عقيل في الفنون: "إذا أردت أن تعلم محل الإِسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة".
الثاني: وهو البغض في غير الله أي من أجل الدنيا، وهوى النفس، والمصالح، وغير ذلك، وهذا النوع هو الذي جاءت نصوص الشرع في النهي عنه، والتحذير منه، وهو المراد في هذا الباب، حيث إن الإِسلام جاء بالدعوة إلى الألفة والمحبة، والاجتماع، وكان من نعم الله على عباده أن امتن عليهم بتأليف قلوبهم، قال سبحانه {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ...} [آل عمران: 103].
انظر: الصحاح (3/ 1066)، جامع العلوم والحكم (2/ 265)، الآداب الشرعية =
-[338]- = (1/ 255)، فتح الباري (10/ 498).
وهجران (¬1) المسلم فوق ثلاثة أيام (¬2) ووجوب الألفة والتواصل
¬_________
(¬1) الهجر في الأصل: الترك، وهو ضد الوصل، وقال ابن العربي: للهجر معان سبعة، تدور كلها على البعد عن الشيء، والمراد به هنا: ترك الشخص مكالمة الآخر إذا تلاقيا، وينقسم إلى قسمين:
النوع الأول: هجر ممنوع: وهو ما كان من أجل الدنيا، وهو المراد هنا في هذا الباب، وسيأتي الكلام على مدته قريبًا -إن شاء الله-.
النوع الثاني: هجر مشروع: وهو ما كان لله عَزَّ وَجَلَّ أولمصلحة شرعية، كهجر المبتدع، والعاصي، وهجر الزوج لزوجته، ولا ينقطع الهحجر في هذا القسم حتى تتحقق المصلحة ويحصل المقصود من ذلك، ولهذا القسم من الهجر ضوبط وشروط، ذكرها العلماء كشيخ الإِسلام ابن تيمية والحافظ ابن حجر وغيرهما.
(¬2) هذه مدة الهجر الممنوع، فيجوز إلى ثلاثة أيام بلياليها قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث، إلا لمن خاف من مكالمته ما يفسد دينه، أو يدخل منه على نفسه، أو دنياه مضرة، فإن كان كذلك جاز ورب هجر جميل خير من مخالطة مؤذيه.
وقال العلماء: إنما عفي عنها في الثلاث: لأن الآدمي مجبول على الغضب، وسوء الخلق، ونحو ذلك فعفي عن الهجرة في الثلاثة ليذهب ذلك العارض.
انظر: معجم مقاييس اللغة (6/ 34)، شرح السنة للبغوي (13/ 101)، شرح صحيح مسلم (16/ 177) ومجموع الفتاوى لشيخ الإِسلام (28/ 205) وزاد المعاد (3/ 580) والقاموس المحيط (صـ 637)، جامع العلوم والحكم (2/ 269). فتح الباري (10/ 511) والدرر السنية (8/ 421) وهجر المتبدع للشيخ بكر أبو زيد، إضاءة الشموع في بيان الهجر المشروع والممنوع للشيخ مشهور حسن =
-[339]- = آل سلمان.