كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 19)

10806 - حدثنا جعفر بن محمد (¬1) الصائغ (¬2)، حدثنا عفان (¬3)، حدثنا سليمان بن المغيرة (¬4)، حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك، قال: مات ابن (¬5) لأبي طلحة من أم سليم، فقالت أم سليم لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه، فجاء أبو طلحة، فقربت إليه عشاءه (¬6) وشرابه، فأكل وشرب، ثم تصنعت له أم سليم أحسن ما
-[10]- كانت تصَنَّع قبل ذلك، فلما شبع وروى وقع بها (¬7)، فلما عرفت أنه أصاب منها حاجته، قالت: يا أبا طلحة! أرأيت لو أن أهل بيت استعاروا عارية لهم أهل بيت آخرين (¬8)، فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم عاريتهم؟ قال: لا، قالت: فاحتسب ابنك، قال: فغضب، قال: تركتني حتى إذا وقعت بها (¬9) فحدثتني بموت ابني، قال: فانطلق إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخبره بما كان من أمره وأمرها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "بارك الله لكما في غابر ليلتكما"، قال: فعلقت (¬10)، فحملت، قال: فأراد أبو طلحة أن يخرج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر إذ ضربها المخاض، فاحتبس أبو طلحة عليها، فمضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (¬11) لا يطرق المدينة طروقًا من سفر، فقال أبو طلحة: إنك تعلم يا رب أنه كان يعجبني أن أخرج مع نبيك -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج، وأدخل معه إذا دخل، وقد احتبست بما ترى، قال: قالت
-[11]- أم سليم: ما أجد الذي كنت أجد (¬12)، أو كما قال، فانطلق فقدم مع نفر المدينة لليلته، فضربها المخاض فولدت.
قال: قالت أمي: يا أنس (¬13)، لا يطعمن (¬14) شيئًا حتى تغدوا به على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فبات يبكي، وبت مجتنحًا عليه أكاليه (¬15) حتى أصبحت، فغدوت به على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا معه ميسم (¬16)، فلما رأى الصبي معي قال: "لعل أم سليم ولدت" (¬17)؟ قال: قلت: نعم، فوضع الميسم وقعد، فجئت به حتى وضعته في حجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعجوة (¬18) من عجوة الأنصار فلاكها (¬19) في فيه، حتى إذا ذابت لفظها في فم الصبي، فجعل الصبي يتلمظ (¬20)، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "انظروا إلى حب الأنصار التمر"،
-[12]- ومسح (¬21) وجهه وسماه عبد الله (¬22).
¬_________
(¬1) أبو محمد البغدادي.
(¬2) بفتح الصاد المهملة وكسر الياء المنقوطة باثنتين من تحتها (وبعضهم ذكرها مهموزة، وهذا هو المثبت في النسخ، وفي مصادر ترجمة: جعفر بن محمد) وفي آخرها الغين المعجمة، هذه النسبة إلى عمل الصياغة وصوغ الذهب.
انظر: الإكمال (5/ 237)، توضيح المشتبه (5/ 395).
(¬3) ابن مسلم الصفار، أبو عثمان البصري.
(¬4) موضع الالتقاء هو: سليمان بن المغيرة.
(¬5) قال النووي: "وهذا الغلام الذي توفي هو أبو عمير صاحب النغير".
شرح صحيح مسلم (16/ 17).
(¬6) هكذا في (ك) و (هـ)، وجاء في الأصل: "عشاه".
(¬7) في (ك): "عليها".
(¬8) في (ك): "أخرى".
(¬9) في (ك) و (هـ): "به".
(¬10) هكذا في (ك) و (هـ)، وجاء في الأصل: "فتلقت"، ومعنى قوله: فعلقت: أي حبلت.
الصحاح للجوهري (4/ 1529).
(¬11) (ك 5/ 166/ أ).
(¬12) في (ك): "أجده".
(¬13) هكذا في (ك) وهو الصواب، وجاء في الأصل: "بها أم سليم".
(¬14) في (ك) و (هـ): "لا تطعمه".
(¬15) أكاليه: هو من الكلأ، وهو الحفظ والحراسة. النهاية في غريب الحديث (4/ 194).
(¬16) الميسم: هي الآلة إلى تكوى بها الدابة. لسان العرب (12/ 636).
(¬17) في (ك): "ولدته".
(¬18) العجوة: نوع من تمر المدينة جيد، أكبر من الصّيحاني، يضرب إلى السواد.
المشارق (2/ 69)، النهاية (3/ 188).
(¬19) لاكها: أي مضغها، وهو من اللوك، وهو إدارة الشيء في الفم النهاية (4/ 278).
(¬20) يتلمظ: أي يدير لسانه في فيه، ويحركه يتبع أثر التمر. النهاية (4/ 271).
(¬21) في (ك): "فمسح".
(¬22) أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب فضائل الصحابة -باب من فضائل أبي طلحة الأنصاري- 4/ 1909، رقم 107).
وأخرجه أيضًا مختصرًا في (كتاب الأداب -باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته- 3/ 1689، رقم 22).

الصفحة 9